ذَكَرَ الفادي آياتٍ من سورةِ التوبة تتحدَّثُ عن إخراج الزكاة، ثم ذَكَرَ
قِتالَ أَبي بكرٍ الصّدّيق - رضي الله عنه - مانعي الزكاة، حيثُ أَرسلَ خالدَ بنَ الوليدِ - رضي الله عنه - فقاتَلَهم وأَعادَهم للإسلام.
ثم اعترض على ذلك بقولِه: " ونحنُ نسأل: إذا كانت الزكاةُ رُكْناً من
أَركانِ الدين، والدينُ لله، فهل يُعْتَبَرُ الدِّينُ قَيِّماً إِذا كُنّا نُمَارسُهُ لا رغبةً
وتَطَوّعاً، بل جَبْراً وقَسْراً، وإِنَّ زكاةً يجمعُها سيفُ خالدِ بنِ الوليد وأَمثالِه،
يَرفُضها الله! لأنها ليستْ إِحْساناً ".
إِنَّ اعتراضَه هنا خارجٌ عن موضوعِ الكتابِ، فالكتابُ مُخَصَّصٌ للحديثِ
عن أَخطاءِ القرآنِ في زَعْمِه، وهذا الاعتراضُ على ما فَعَلَه أَبو بكر وخالدٌ - رضي الله عنهما - من قِتالِ مانعي الزكاةِ من المرتَدين العرب!.
ومع ذلك نقول: صَحيح أَنَّ الزكاةَ رُكْنٌ من أَركانِ الإِسلام، وأَنه لا بدَّ
للمسلمِ من أَنْ يَدْفَعَها وهو منشرح مُتَفاعِل، وأَنْ يَتَفاعَلَ كيانُهُ كُلّه بإِعطائِها، كما قالَ الله - عز وجل -: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ) .
والمسلمونَ يقومونَ بشعائِر الإِسلام رغبةً وتَطَوّعاً، لأَنهم يَتَقَرَّبون بذلك
إِلى الله، ويَفرحونَ لأنهم بذلك يَنالونَ جَنَّتَه ورِضوانَه.
وقتالُ مانِعي الزكاةِ زمنَ الصدّيقِ - رضي الله عنه - ليسَ من أَجْلِ إِكراهِهم على دفْع الزكاةِ جبراً وقَسْراً، كما ظَنَّ الفادي الجاهل، بل من أَجْلِ أَنهم مُرْتَدّون كُفّار "
لأَنهم أَنكروا وُجوبَ الزكاة، وإِنكار وُجوبِها خروجٌ من دينِ الله..
ومن المعلومِ أَنَّ قِتالَ المرتَدّين واجب.