أَلا يُعتبرُ هذا رخصةً من الإِسلامِ للعَبَثِ بأرواحِ جميعِ بني آدم،
واعتبارِ العهودِ قُصاصةً على وَرَق؟ ! ".
اعتراضُ الفادي المفترِي على القرآن لا يتناسبُ مع موضوعِ كتابِه، وكان
الأولى به أَنْ لا يجعلَه في الكتاب، لأنه خَصَّصَ الكتابَ لاكتشافِ الأَخطَاءِ
في القرآن، وهذا ليسَ موضوعاً قرآنياً، ولكنه يُريدُ أَنْ يُسَجِّلَ كُلَّ ما يُثيرُ الشبهةَ والتشكيكَ في القرآن!.
إِنَّ مسألةَ الاختلافِ في قتلِ الحُرِّ بالعبدِ والذكَرِ بالأنثى والمؤمنِ بالكافرِ
مسألةٌ فقهية، وليستْ مسألةً قرآنية أَو حديثية، والأَوْلى أَنْ تُبْحَثُ ضمنَ
المباحثِ الفقهية، وقد اختلفَ فيها الفقهاء.
فالشافعيةُ يرونَ أَنه لا بُدَّ من التكافؤ في القصاص، بمعنى أَنْ يَكونَ القتيلُ مُكافِئاً للقاتلِ ليتمَّ القِصاص، وبما أنه لا تَساويَ بين الحُرِّ والعبد، والمؤمنِ والكافر، والذكرِ والأُنثَى، فلا قصاصَ بينهم، فإذا قَتَلَ الحُرُّ عَبْداً، أَو المؤمن كافراً، أَو الرجلُ امرأة، دفعَ القاتِلُ الدِّيَةَ ولم يُقْتَصَّ منه.
أَما الأَحنافُ فإنهم لا يشترطونَ التكافؤَ في القصاص، ويَجوز قَتْلُ
الأَعلى بالأَدنى، أَيْ أَنه يُقْتَلُ عندهم الحُرّ إِذا قَتَلَ عَبْداً، ويُقْتَلُ المؤمنُ إِذا قتَلَ كافراً ذِمِّيّاً معاهِداً، ويُقْتَلُ الرجلُ إذا قَتَلَ امرأة.
ومع أَنَّ المسألةَ خلافية بين المذاهِب، فيجوزُ أَخْذُ أَيّ قَوْل، وتَرجيحُه
على الأَقوالِ الأُخْرى، دودنَ ذَمٍّ لأَصحابِ الأَقوال الأُخرى، أَو اتهامِ الإِسلامِ والقرآنِ بالخطأ أَو الظلمِ والمحاباة، كما فعلَ الفادي المفترِي.
وإِنّني أَميلُ منذُ مُدَّة إلى ترجيح قولِ الأَحنافِ في هذه المسألة، مع أَني
شافعيُّ المذْهَب، لأَنني أَراه أَكثرَ اتفاقاً مع المساواةِ وإنسانيةِ الإِنسان، وتحقيقِ
العدالةِ الإنسانية، مع احترامي للأَقوالِ الأخرى فيها.
وإِنَّ عَدَمَ قتلِ الحُرِّ بالعبدِ كما يُقررُ المذهبُ الشافعي لا يعني مُحاباةَ الأَغنياءِ والسادة.