بالحجةِ والبرهان ويَدعوهم إِلى الدخولِ فيه عن قَناعةٍ واختيار..
فمن اقتنعَ ودَخَلَ فيه فقد فازَ في الدنيا والآخرة، ومن رَفَضَ ذلك وأَصَرَّ على كفرِه تَرَكَهُ المسلمون، وطالَبوه بدفعِ مبلغٍ من المال، اسْمُه " الجزية "، مُقابِلَ حمايتِهم له.
***
وَقَفَ الفادي أَمامَ آيةِ القصاص في القَتْل، وهي قولُ اللهِ - عز وجل - (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ) .
وذَكَرَ تفسيرَ البيضاويِّ للآية، واختلافَ المذاهبِ في قَتْلِ الحُرِّ بالعَبْدِ
والذَّكَر بالأُنثى، مع أَنَّ الآية لا تَدُلُّ على جوازِ ذلكِ ولا على مَنْعِه، كما قال البيضاوي: " ولَا تدلُّ الآيةُ على أَنْ لا يُقْتَلَ الحُرُّ بالعَبْد، والذكَرُ بالأُنثى، كما لا تَدُلُّ على عكْسِه ".
فمسأَلَةُ قَتْلِ الحُرِّ بالعَبْدِ، والذكْرِ بالأُنثى، والمؤمنِ بالكافر، لم يتكلَّمْ
فيها القرآنُ كَلاماً صَريحاً، وإِنما اختلفَ فيها العلماء والمذاهبُ اختلافاً
كبيراً..
ومع ذلك اعترضَ الفادي المفترِي على القرآنِ فيها، وخَطَّأَه وانْتَقَدَه،
مع أَنه لم يتكلَّمْ فيها!!
قال: " ونحنُ نسأل: لماذا سمحَ محمدٌ وأَبو بكر وعمرُ وعليٌّ للأَغنياءِ والسادةِ أَنْ يَقْتلُوا العبيدَ دونَ أَنْ يَقْتَصوا منهم، وجَعلوا عَدَمَ قتْلِ الحُرّ بالعبدِ والمسلمِ بذي عَهْد سُنَةً أَقَرَّها المذهبُ المالكيُّ والمذهبُ الشافعي؟
ولماذا لم يَعْتبِروا قول التوراةِ المحكيَّ في القرآنِ (النَّفْس بِالنَّفْسِ)
قانوناً إِلهياً واجبَ الاتِّباع، مُدَّعين أَنَّ التوراةَ لا تَنسخُ القرآن، رغمَ أَنَّ عبارةَ القرآنِ تُنافي قواعدَ العدلِ والمساواةِ بين البشر؟
إِنَّ اللهَ واحد، وقانونَه واحد، فلماذا يُحابي الإسلامُ الأَغنياء، فلا يُطالبُ بدماءِ العبيدِ من أَعناقِ السادةِ؟
ومن الغريبِ أَنَ الشرعَ الإِسلاميَّ يصرحُ أَنه لا يُقْتَلُ مؤمنٌ بدمِ كافرٍ، ولا بدَمِ ذي عَهْد.