وبهذا نعرفُ أَنَّ القرآنَ لم يَقُلْ: إِنَّ الشمسَ كانتْ تَغيبُ في بئْرٍ حَمِئَة،
والرسولُ - صلى الله عليه وسلم - لم يَقُلْ: إِنها كانتْ تَغيبُ في بئْرٍ حمئة!.
وبهذا نعرفُ أَنَّ الفادي خبيثٌ مُغْرِض، عندما طَرَحَ سؤالَه المشَكِّكَ
قائلاً: " ونحنُ نسأل: إِذا كانت الشمسُ أَكبرَ من الأَرضِ مليوناً وثلاثمئة أَلْف مَرَّة، فكيفَ تَغْرُبُ في بئرٍ رآها ذو القَرنين، ورأى ماءَها وطينَها، ورأى النّاسَ الذينَ عندها؟
! ".
إِنَّ هذه الأُكذوبةَ الخُرافيةَ لم تَرِدْ في القرآن، ولم يَقُلْها أَحَدٌ من
المسلمين، وإِنما اخْتَلَقَها الفادي المفترِي، وجَعَلَها خطأً جغرافياً في القرآن!.
بَقِيَ أَنْ نُبينَ معنى قوله تعالى: (حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ) .
عندما توجَّهَ ذو القرنين نحوَ الغربِ تابَعَ سيرَه حَتّى وَصَلَ إِلى مكانٍ
تَلْتَقي فيه اليابسةُ مع الماء، ولعلَّ هذا كان عندَ شاطئ أَحَدِ البِحار، ولا دَليلَ
على تحديد ذلك المكان، فهو من مبهماتِ القرآن!.
ولعلَّ المكانَ الذي وَقَفَ فيه ذو القرنين كان عندَ مَصَبِّ أَحَدِ الأَنهارِ في ذلك
البَحر، ويبدو أَنَّ ماءَ النهر في ذلك اليوم كان مختَلِطاً بالتراب، فكانَ " حَمِئاً ".
ولما وقفَ ذو القرنَين في ذلك المكان، نَظَرَ أَمامَه إِلى الشمسِ وهي
تَغربُ وَتَغيب، فرآها (تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ) .
أَيْ أَنَّ قُرْصَ الشمسِ سَقَطَ أمامَه في الماءِ المختلطِ بالتراب، الذي يَقذفُه النهرُ في البَحر، وبذلك رآها تغربُ في عينٍ حَمِئَة!.
وهذا أَمْرٌ لا يَدعو للعجب أَو الغرابةِ أَو الإِنكار.
وقد عَلَّقَ الإِمامُ
البيضاويُّ على ذلك بقوله: " ولعلًّه بَلَغَ ساحلَ المحيط، فرآها كذلك، إِذْ لم
يكنْ في مَطمحِ بَصَرِه غيرُ الماء، ولذلك قال: (وَجَدَهَا تَغرُبُ) ولم يَقُل: كانتْ تَغْرُب..".