(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (26) .

والحَمَأُ المسْنونُ هو الطينُ الأَسودُ المتغَيِّرُ.

فالعينُ الحمئةُ هي العينُ ذاتُ الحَمَأ، أَي التي اخْتَلَطَ فيها الماءُ بالطين.

وذَكَرَ الإِمامُ البيضاويُّ البِئْرَ لتَوضيحِ معنى الحمأ، فقال: مِن حَمِئَتِ البِئْر، إِذا صارَتْ ذاتَ حمأ.

أَي: اخْتَلَطَ ماءُ البئرِ بالطينِ، فصارت البئْرُ حَمِئَة، اخْتَلَطَ ماؤُها بالطين!.

وذَكَرَ البيضاويُّ أَنَّ في " حَمِئَة " قراءَتَيْن:

الأُولى: قراءةُ نافع وابنِ كثير وأَبي عمرو ويعقوب ورواية حفص عن

عاصم: (حِمَةٍ) بالهمز، ومَعْنى: (فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ) : عينٍ اخْتَلَطَ ماؤُها

بالحَمَأِ والطين.

الثانية: قراءةُ ابنِ عامر وحمزة والكسائي وخلف وأَبي جعفر ورواية أَبي

بكر عن عاصم: " حامِيَة ".

ومعنى: " في عينٍ حامِيَة ": عينٍ حارَّةٍ.

وذكرَ البيضاويُّ: أَنَّ ابنَ عباسٍ كان يقرأُ: (فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ) بالهمزة،

بينما كانَ معاويةُ بنُ أَبي سفيان - رضي الله عنهما - يقرأُ: " في عينٍ حامِيَة ".

وروى البيضاويُّ: أَنَّ معاويةَ - رضي الله عنه - بعثَ إِلى كعبِ الأَحبارِ يسأَلُه: كيفَ تجدُ الشمسَ تغرب؟

قال: " تغربُ في ماءٍ وطين، كذلك نجدُه في التوراة ".

وبدأَ البيضاويُّ الروايةَ بصيغةِ " قيل "، وهي صيغةٌ دالَّةٌ على التمريضِ

والتضعيف! ومعناها أَنَّ الروايةَ لم تَثْبُتْ!!.

ولما نَقَلَ الفادي المفترِي الروايةَ حَذَفَ من كلامِ كعبِ الأَحبار الجملةَ

الأَخيرة: " كذلك نجدُهُ في التوراة "، لئلا يُثبتَ هذا الكلامَ في التوراة!! مع أَنَّ الروايةَ لم تَثبت كما قلنا!!.

وبهذا نعرفُ أَنَّ الفادي كاذبٌ مُفْتَرٍ، عندما نَسَبَ للبيضاوي قولَه: إِنَّ

الشمسَ تغربُ في ماءٍ وطين، وهذا معناهُ أَنها تَغيبُ في بئرٍ حمئة! مع أَنَّ

البيضاويَّ لم يَقُلْ ذلك أَبَداً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015