الذينَ بَدَؤوا بالعُدوانِ على المسلمين، واحتلّوا بلادَهم عشراتِ السنين، وقَتَلوا من المسلمين مَنْ قَتلوا في حملاتِ الحروبِ الصليبية، وهم الذينَ اجْتاحوا بلادَ المسلمين واستعْمَروها في مطلعِ القرنِ العشرين، وخضعَتْ كُل بلادِ المسلمين للاستعمارِ الصليبي: الإِنجليزيِّ والفرنسيِّ والإِسبانيّ والبرتغاليِّ

والإِيطاليّ والهولندني والروسي ...

وها هي أَمريكة الصليبيةُ تُعيدُ احتلالَ بلادٍ إِسلامية واستعمارَها في مطلعِ القرنِ الحادي والعشرين.

وكلُّ ممارساتِ الصليبيين القديمةِ والمعاصرةِ ضدَّ المسلمين تُخالفُ

توجيهاتِ الإِنجيلِ الأَخلاقية، ومع ذلك يَأتي الفادي المفترِي ويَتَغَنّى بجمالِ

تلك التوجيهات، ويَتَناسى أَنَّ قومَه الصليبيّين هم الذين خالَفوها ونَقَضوها!!.

إِنَّهُ خَبيثُ ماكر، يُريدُ أَنْ يَكونَ المسلمونَ أَغبياءَ بُلَهاء، في تعامُلِهم مع

النصارى الصليبيين، فقومُه يَعْتَدونَ على المسلمين، ويحتلّون بلادَهم، ويَنْهَبون خيراتِهم، ويَسفكون دماءَهم، وهو يَدْعو المسلمين المعتدى عليهم إِلى عدمِ مواجهتِهم وكرهِهم، وعليهم أَنْ يُحِبّوا أَعداءَهم، ويُبارِكوا لاعِنيهم، ويُحْسِنوا إِلى مُبْغِضيهم، ويَشكروا الذين يحتلونَ بلادَهم ويَطردونَهم منها! هكذا يَجبُ أَنْ يفعلَ المسلمون، إِنْ أَرادوا أَنْ يكونوا حَضاريّين متقدمين، دعاةَ سَلامِ وأَمان!!.

من هذا المنطلقِ خَطَّأَ الفادي المفترِي القرآنَ، لأَنه يُجيزُ للمسلمينَ

المعتدى عليهم أَنْ يَرُدّوا على العدوانِ بالمثْل، وأَنْ يوقِفوا المعْتَدين، وأَنْ

يَنْتَصِفوا منهم..

ولا يوجَدُ دينٌ أَو مبدأ - حتى الديانة النصرانية - يَطلبُ من

أَتْباعِه المعتدى عليهم مُقابلةَ المعتدينَ بالمحبةِ والأَحضانِ والورود والرَّياحين،

ويأمُرُهم بالتنازلِ لهؤلاءِ المعْتَدين عن كُلِّ شيء.

فمواجهةُ المعْتَدين والرَّدُّ على عُدْوانِهم فِطْرَةٌ في النفسِ الإِنسانية، لا يتخلّى عنها إِلّا مَنْ كانَ ناقصَ الإِنسانية!!.

ولذلك لا يُلامُ القرآنُ إِذا أَجازَ للمسلمين رَدَّ العُدْوانِ عليهم، ولا يُعْتَبَرُ

هذا مأْخَذاً يُؤْخَذُ عليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015