ولا مانعَ من أَنْ يدرسَ أَيُّ إِنسانٍ القرآن، والقرآنُ لا يَخْشى من أَنْ

يَدرسَهُ أَيُّ إِنسان، سواء كانَ مُسْلِماً أَو يَهودياً أَو نصرانيّاً، قِسّيساً أَو باحِثاً أَو عالِماً، لكنَّه يَشترطُ على الذي سَيدرُسُه شَرْطاً واحداً، هو: أَنْ لا يُقْبِلَ على القرآن بمقَرَّر فكري أَو عقيديٍّ مُسْبَق، وأَنْ لا يَحملَ فكرةً يُريدُ إِثْباتَها في القرآن! إِنَّه إِنْ فَعَلَ ذلك تكونُ دراستُه مُنحازةً مُتحاملة، ومن ثَمَّ سيخرجُ من هذه الدراسةِ بنتائجَ خاطئة، تَقومُ على التحامُلِ والهوى والمزاجية.

يَطلبُ القرآنُ من كُلِّ إِنسانٍ أَنْ يَضَعَ فكرتَه المسبقةَ عن القُرآنِ جانباً،

وأَنْ يَدْخُلَ عالمَ القرآنِ وهو خالي الدهْن، وأَنْ يكونَ هدفُه من ذلك البحثَ

عن الحقيقة، والرغبةَ في المعرفة، ومُتابعةَ الحَقّ، وبذلكَ تكونُ دراستُه

موضوعيةً عادلةً مُنصفَة، وسيخرجُ منها بنتائج صحيحة.

ولقد قامَ بدراسةِ القرآن كثيرون من مُفَكِّري الغربِ النَّصارى، وكانتْ

دراستُهم مَوضوعيةً مُحايدةً مُنْصفة، غيرَ قائمةٍ على المقَرَّرِ الذهنيِّ المسْبَق،

والانحيازِ الدينيِّ المسبقِ ضدَّه.

وقد قادَتْهم تلك الدراسةُ إِلى اليقينِ بأَنَّ القرآنَ حَقّ لا خطأَ فيه، وأَنه من عندِ الله، وفي مقدمةِ هؤلاء البروفسورُ الفرنسي " موريس بوكاي "، والقِسّيسُ الكندي " جاري ميللر "، والقسّيسُ السوداني

" أَشوك يانق "!.

أَمّا إِذا وَضَعَ الدارسُ في ذهْنِه مُقَرَّراً مُسْبَقاً عن القرآن، وأَقبلَ عليه

يدرسُه لتحقيقِ وتأكيدِ ذلك المقَرَّر، فسوفَ تكونُ دراستُه مُتَحاملةً مُنحازةً

ضدَّه، وسيكونُ نظرُهُ في القرآن نَظَراً خاطِئاً.

كأَنْ يوقِنَ القِسّيسُ أَنَّ القرآنَ ليس وَحْياً من الله، وإِنما هو من تأليفِ البشر، وأَنَّ محمداً - صلى الله عليه وسلم - ليسَ رسولاً، وإنما هو مُدَّعٍ مُفْتَرٍ، وأَنَّ في القرآنِ أَخطاءً عديدة، ثم يَدرسُ القرآنَ ليأخذَ منه الأَدلَّةَ والأَمثلةَ على ما يُؤْمِنُ به! عند ذلك سَيَخرجُ بنتائجَ خاطئة، ويَزعمُ أَنه وَجَدَ الأَدلةَ على ما يُريد!.

وهذا ما فعلَه القِسّيسُ " عبد الله الفادي " في دراستِه " هل القرآنُ معصوم؟ "

طور بواسطة نورين ميديا © 2015