لَسْنا مع الإِمامِ البيضاويِّ في تبيينِه ما أَبهمه القرآن، لأَنَه لا دليلَ له
على ذلك.
فلا نقول: إِنَّ امرأَتَه هي لَيا بنتُ يعقوب، ولا نقول: إِنها رحمةُ
بنتُ أَفرايم، ولا نقول غيرَ ذلك، وبهذا يسقطُ اعتراضُ الفادي على تعيينِ اسمِ زوجتِه، واعتبارُه ذلك من أَخطاءِ القرآن، لأَنَّ القرآنَ لم يُبَيِّنْ ذلك أَصلاً.
ويُخطئُ الفادي في زَعْمِه أَنَّ أَيوبَ كانَ قبلَ يعقوبَ ويوسفَ بفترةٍ
طويلة، وأَنه كانَ في بلادِ عوض العربية، والراجحُ من خلالِ حديثِ القرآنِ عن الأَنبياءِ أَنه كانَ من أَنبياءِ بني إِسْرائيل المتأَخِّرين، نقول هذا من بابِ الترجيحِ والاحتمال، وليسَ من بابِ الجزمِ واليقين.
ولَسْنا مع الإِمام البيضاويِّ في تَبيينِه سَبَبَ حَلْفِ أَيّوب، وكيفيةَ تكفيرِه
عنه، فلا دليلَ عندنا من الآيات ِ الصريحة والأَحاديثِ الصحيحة لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، على أَنَ أَيوبَ غضبَ على امرأتِه لأَنها أَبْطَأَتْ عليه، فَحَلَفَ أَنْ يضربَها مئةَ سوط، وأَرشدَهُ اللهُ إِلى أَنْ يأخذَ غُصناً به مئةُ عود، فيضربَها به ضربةً واحدةً، لئلا يحنثَ في يمينِه.
وبهذا يسقطُ اعتراضُ الفادي على ما أَوردَه البيضاوي، لأنه اعترضَ على
كلامٍ لم يَصحّ ولم يَثْبُت، وجَعَلَه دليلاً على إِدانةِ القرآنِ وتخطئتِه، مع أَنَّ
القرآنَ لم يَقُلْه! وكيفَ يُدانُ القرآنُ ويُخَظَّأُ على كلامٍ لم يَقُلْه؟!.
وعلَينا أَنْ نبقى مع القرآنِ والحديثِ الصحيح في فهمِ ما ذَكَرَه القرآنُ عن
قَصَصِ السابقين، ولا يَجوزُ أَنْ نُضيفَ إِليهما كلاماً لأَي شخصٍ آخر، أَو من أَيِّ مصدرٍ آخَر.
وقد أَبهمَ القرآنُ الحديثَ عن يَمينِ أَيوبَ - عليه السلام -، واكتفى بإِشارةٍ مجملة:
(وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ) .
ومعنى الآية: إِنَّ أَيوبَ - عليه السلام - حَلَفَ يَميناً أَنْ يَضربَ شَخْصاً ضَرْباً، فَدَعاهُ اللهُ إِلى أَنْ لا يَحنَثَ في يمينِه، وذلك بأَنْ يأخذَ ضِغْثاً فيضربَ به الطرفَ الآخَر، والضغْثُ هو القبضةُ من الحشيشِ أَو العيدان؟
يمْسِكُ بها الكَفُّ.