كنعان، ولم يَذهبْ إِلى بلادِ العرب، فمن الخطأ أَنْ يُقالَ: إِنَّ الكعبةَ بيتُ اللهِ أَو مقامُ إِبراهيم، فأَينَ بيتُ اللهِ من بيتِ الأَصْنام؟!
وأَينَ العِبْرِيُّ من العربي؟!
وأَينَ فلسطينُ من الحجاز؟
وقد أَوردَ الدكتورُ طه حسين هذه الفكرةَ في كتابِه الشعر الجاهلي ".
أَمَّا أَنَّ إِبراهيمَ - عليه السلام - كان يُقيمُ في الأَرضِ المقدَّسَة، فهذا حَقّ
وصواب، نقولُ به لأَنَّ القرآنَ أَخبرَ عنه.
وكونُه في بلادِ فلسطين لا يمنعُ ذَهابَه إِلى بلادِ الحجاز، وليسَ في هذا محذورٌ عقلاً، فقد كانَ في العراق، ثم توجَّهَ إِلى فلسطين، والمسافةُ بين فلسطينَ والحجازِ ليستْ أَبعدَ من المسافةِ بينَ فلسطينَ وجنوبِ العراق، فلماذا صَدَّق الفادي وطه حسين قُدومَ إِبراهيمَ من العراقِ لفلسطين، ولم يُصَدّقا ذهابَه من فلسطينَ إِلى الحجاز؟
أَلِأَنَّ الخبرَ الأَولَ وَرَدَ في العهدِ القديم فَصَدَّقاه، ولأَنَّ الخبرَ الثاني لم يَرِدْ
في العهدِ القَديم، فلم يُصَدِّقا به؟
ومَنْ قالَ: إِنَّ الحقيقةَ محصورةٌ بما وردَ في العهدِ القديم؟
ولماذا لم يُصَدّقا ما وَرَدَ في القرآن؟
وهو كلامُ اللهِ الثابتُ المحفوظ!.
إِنَ مرجعيتَنا الأُولى هي القرآن، وكلُّ ما وَرَدَ في القرآنِ نُؤمنُ به، وقد
نَصَّ القرآنُ على أَنَّ إِبراهيمَ أتى إِلى بلادِ الحجاز، وأَسكنَ بعضَ أَهْلِه فيها.
قال تعالى: (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) .
كما نَصَّ القرآنُ على أَنَ إِبراهيمَ وإِسماعيلَ هما اللذان بَنَيا البيتَ الحرام.
قال تعالى: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) .
وعلى ضوءِ هذا البيانِ القرآنيِّ الصادقِ يكونُ كلامُ الفادي خَطَأً وباطلاً
ومردوداً.