وأَحسنَ معاملةَ أَهلها، ورحلةٍ نحو مشرقِ الشمس، وصلَ فيها إِلى أرضٍ

مكشوفةٍ سهلة منبسطة، ورحلةٍ نحو الشمال، وَجَدَ فيها قوماً ضِعافاً، شكوا إِليه هجماتِ يأجوج ومأجوج، فأَقامَ سَدّاً عالياً بين جبلَيْن، ليقيهم من هجماتِهم.

ورجعَ الفادي إِلى تفسيرِ البيضاوي، وأَخَذَ بعضَ ما قالَه عن ذي

القرنَيْن، ونسبَ له قوله: " قال البيضاوي وابنُ هشام: إِنَّ ذا القرنَيْن هو

إسكندرُ الأَكبر.

وقال البيضاوي: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ) : يَعني إِسكندرَ

الرومي، مَلَكَ فارس والروم، وقيل: مَلَكَ المشرقَ والمغرب، ولذلك سُمِّيَ ذا القرنين، أَو لأَنه طافَ قَرني الدنيا شرقَها وغربَها، وقيلَ: لأَنه انقرضَ قرنان من الناس، وقيلَ: كانَ له قرنان، أَيْ ضفيرتان، وقيل: كانَ لتاجه قَرْنان..

ويُحتملُ أَنه لُقّبَ بذلك لشجاعتِه، كما يقال: الكبشُ للشُّجاع، كأَنه ينطحُ

أَقرانَه.

واختُلفَ في نبوَّته مع الاتفاقِ على إِيمانِه وصَلاحِه ".

ولا نُوافقُ البيضاويَّ على هذا الكلام، لأَنه ليس عليه دليلٌ من القرآنِ أَو

الحديثِ الصحيحِ عن رسول اللًه - صلى الله عليه وسلم -، ولا داعي للأَقوال السبعةِ المختلفة التي ذَكَرَها في سببِ تسميته بذي القرنَيْن، ولا داعيَ لترجيحِ أَحَدٍ منها، لأَنها كُلَّها مما لا دليلَ عليه!.

لم يَزِد القرآنُ على وصْفِ ذلك الرجلِ بذي القرنَيْن، وأَبهمَ اسْمَه وزَمانَه

ومكانَه، فلا نَعرفُ هل كان نبيّاً أَم لا، ولا نَعرفُ اسْمَه ونَسَبَه، ولا نَعرفُ

البلدَ الذي كانَ يحكُمُه، ولا نَعرفُ النبيَّ الذي كانَ في عصره، ولا نَعرفُ

تَفاصيلَ رحلاتِه المذكورةِ في سورةِ الكهف، ولا يُمكنُنا تَحديدُ المكانِ الذي

وَصَلَ إِليه في الغرب، ولا تحديدُ العينِ الحمئةِ التي وَقَفَ عندها، ولا تَحديدُ

المكانِ في المشرق، ولا تَحديدُ المكانِ الذي وَصَلَه في الشمال، ولا السَّد

الذي بَناه بين الجبلَيْن، فهذا كُلُّه من المبهماتِ التي لا تَبيينَ لها، لعدمِ وجودِ

دليلٍ عليها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015