كما شوهد في مختلف بيئاته يقوم بمشروعات جماعية مثل مد الطرق وإقامة الجسور وبناء مستعمراته، ولا يمكن أن يتم التعاون على إنجاز هذه الاعمال إلا بالتفاهم بلغة متداولة بينها، وكل الذين دراسو حياة النمل وشاهدوا ما عليه حياة النمل من النظام الدقيق في بناء مساكنها وما عليه أفرادها من الذكاء والدهاء وسعة الحيلة وحب العمل والدأب الذى لا يعرف الكلل، ثم إن النمل هو الوحيد الذى يتلاقى في مجتمعات للتعارف وتبادل المنافع، كما أنه هو الوحيد من بين سائر الحشرات الذى يهتم بدفن موتاه وغير ذلك مما يدل على حياة منتظمة حية نشطة لها كيان ودستور يحكمها في كل سلوكها.
وقد أدهشتني هذه المعلومات الرائعة عن حياة النمل والنحل التى قرأتها في بعض المؤلفات فدعاني ذلك أن أنوه بشأنها في كتابي (مع الله) في باب
قدرة الله تعالى فقلت بأسلوب الشعر المنثور أي الشعر الحر ما يأتي: إنها دول يدهشك نظمها ويروعك منها قيام الحياة فيها بالقسط والميزان فلا شئ في مجتمعها يدل على مظاهر الاثرة أو الجشع أو الفقر أو الحرمان وتعجب إذا رأيت أن دستورها الملهم لها يسوده التعاون فلا أثرة ولا طغيان ولكل فرد من أفرادها عمل معين يتفرغ له ولكل حقه من الخير والامان فالملكة في مقصورتها موضع احترام وعليها أن تبيض بما فيه الكفاية من السكان وحولها الشغالات تعمل بجد وتنقل البيض بكل عناية إلى موضع التفريخ والحضان فإذا ما خرجت الحوريات من بيضها تعهدتها بالرعاية أيدى المربيات والقيان ولكل منها قرى محصنة بأقوى المباني المؤسسة على أمتن القوائم والجدران وفيها جنود بواسل على أهبة الاستعداد دائما للنجدة وصد المغير على الاوطان جنود لهم رؤوس مخيفة المنظر ولها فكوك كأنها مخالب السباع أو السنان وما داهم طارق حماهم بشر إلا برزت جموع إثر جموع مستعددة للنزال والطعان وتحولت الشغالات إلى جنود تدافع عن العجائز والمرضى وتحمى صغار الولدان