النظرة العلمية:
تحمل هذه الآية في طياتها معنى القانون العلمي الذى يقول بأن المادة لا تفنى، ودليل ذلك أن الشمعة التي احترقت لم تفن مادتها بل إنها تحولت أثناء احترقها إلى مواد غازية وأخرى سائلة لو جمعها الانسان ووزنها لم يجد بها نقصا عن وزنها السابق قبل احتراقها، وحقيقة عدم فناء المادة قانون الله وسنته في خلقه، ولن تجد لسنة الله تبديلا، وقد تكونت الخلائق في أول أمرها من التراب، وبعد ذلك تناسلوا وتغذوا بما تخرجه الارض من نبات وبما يتغذى من الارض من حيوان، ثم إنهم بعد ذلك يقبرون ثم يبعثون ولا ينقصون، أي أن الناس نشئوا نشأتهم الاولى من الارض ثم إنهم إلى الارض يعودون، ويؤيد ذلك قوله تعالى: (منها خلقناكم وفيها نعيدكم، ومنها نخرجكم تارة أخرى) ومعنى ذلك أن جثة الميت التى تحللت وصارات سائلا تسرب في التراب وغارات انتشرت لم تتبدد، وإنما ترجع إلى أصلها كما كانت دون نقص، وسبحان الله الذى عنده كتاب حفيظ لكل ذرة في السماوات والارض فهو القائل: (وعنده مفاتيح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها، ولا حبة في ظلمات الارض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين) فكيف يذهب الانسان وهو أشرف المخلوقات هباء ويتبدد سدى، قال تعالى، (أفحسبتم أنا خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون) كلا إن مادة الاجسام لا تفنى بعد موتها بل هي باقية موجودة بصور مختلفة وفى حفط من التبدد والضياع بأمر الله.