يحفل بها لأنها من ناحية المبدأ تلخص قضية «العقيدة» في الإسلام كما تلخص قضية «الدين». فالعقيدة في الإسلام تقوم على أساس شهادة: أن لا إله إلا اللّه. وبهذه الشهادة يخلع المسلم من قلبه ألوهية كل أحد من العباد ويجعل الألوهية للّه. ومن ثم يخلع الحاكمية عن كل أحد ويجعل الحاكمية كلها للّه .. والتشريع للصغيرة هو مزاولة لحق الحاكمية كالتشريع للكبيرة. فهو من ثمّ مزاولة لحق الألوهية، يأباه المسلم إلا اللّه .. والدين في الإسلام هو دينونة العباد في واقعهم - العملي - كما هو الأمر في العقيدة القلبية - لألوهية واحدة هي ألوهية اللّه، ونفض كل دينونة في هذا الواقع لغير اللّه من العباد المتألهين! والتشريع هو مزاولة للألوهية، والخضوع للتشريع هو الدينونة لهذه الألوهية .. ومن ثم يجعل المسلم دينونته في هذا للّه وحده ويخلع ويرفض الدينونة لغير اللّه من العباد المتألهين! من هنا ذلك الاحتفال كله في القرآن كله بتقرير هذه الأصول الاعتقادية، والاتكاء عليها على هذا النحو الذي نرى صورة منه في سياق هذه السورة المكية .. والقرآن المكي - كما أسلفنا في التقديم لهذه السورة في الجزء السابع (?) - لم يكن يواجه قضية النظام والشرائع في حياة الجماعة المسلمة ولكنه كان يواجه قضية العقيدة والتصور. ومع هذا فإن السورة تحفل هذا الاحتفال بتقرير هذا الأصل الاعتقادي في موضوع الحاكمية .. ولهذا دلالته العميقة الكبيرة (?) ..