تصحيح القرآن الكريم لعقيدة النصارى في عيسى بن مريم عليه السلام

وليس بعد قول اللّه - سبحانه - قول. واللّه يقول الحق وهو يهدي السبيل: «لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ. وَقالَ الْمَسِيحُ: يا بَنِي إِسْرائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ. إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ، وَمَأْواهُ النَّارُ، وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ».

وهكذا حذرهم المسيح عليه السّلام فلم يحذروا، ووقعوا بعد وفاته عنهم فيما حذرهم من الوقوع فيه، وما أنذرهم عليه الحرمان من الجنة والانتهاء إلى النار .. ونسوا قول المسيح - عليه السّلام -: «يا بَنِي إِسْرائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ» .. حيث أعلن لهم أنه هو وهم في العبودية سواء، لربوبية اللّه الواحد الذي ليس له من شركاء.

ويستوفي القرآن الحكم على سائر مقولاتهم الكافرة: «لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا: إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ» ..

ويقرر الحقيقة التي تقوم عليها كل عقيدة جاء بها رسول من عند اللّه: «وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ» ..

ويهددهم عاقبة الكفر الذي ينطقون به ويعتقدونه: «وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ» .. والكافرون هم الذين لا ينتهون عن هذه المقولات التي حكم عليها اللّه بالكفر الصراح. ثم أردف التهديد والوعيد بالتحضيض والترغيب: «أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ» .. ليبقي لهم باب التوبة مفتوحا وليطمعهم في مغفرة اللّه ورحمته، قبل فوات الأوان ...

ثم واجههم بالمنطق الواقعي القويم، لعله يرد فطرتهم إلى الإدراك السليم. مع التعجيب من أمرهم في الانصراف عن هذا المنطق بعد البيان والإيضاح: «مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ، وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ، كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ. انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ. ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ .. »

طور بواسطة نورين ميديا © 2015