قال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: (من دَعَا إلى هُدًى كان له من الأجر مثلُ أجورِ من تَبِعهُ، لا يَنْقُصُ ذلك من آثامِهِم شيئًا. ومَنْ دعا إلى ضلالةٍ كان عليه من الإثمِ مثلُ آثامِ مَنْ تَبِعَهُ، لا يَنْقُصُ ذلك من آثامِهِم شيئًا) (?) . فالمجتمع الإسلامي مجتمعٌ تعاونيٌّ قام على أساسِ التعاون والتناصُرِ والتكافل فيما بين أفراده.

ومن مظاهر التعاون الزكاة وغير الزكاة. قال الله تعالى: {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} (البقرة: 177) .

قال «ابن كثير» (?) : «قوله: {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ} أي: أخرجه وهو محبٌّ له، راغبٌ فيه.. كما ثَبَتَ في الصحيحين (?) من حديث أبي هريرة مرفوعاً: (أفضل الصدقة أن تَصَّدَّقَ وأنت صحيحٌ شحيحٌ، تَخْشَى الفقر، وتأمُلُ الغِنَى) .

وقال تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا، إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا} (الإنسان: 8، 9) . وقال تعالى: {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ} (آل عمران: 92) .

وقوله: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (الحشر: 9) نَمَطٌ آخرُ أُرفع من هذا ومن هذا، وهو أنهم آثروا بما هم مضطرون إليه، وهؤلاء أَعْطَوْا وأطْعَمُوا ما هم مُحِبُّونَ له» ..

قال «القرطبي» (?) : «اتفق العلماء على أنه إذا نزلت بالمسلمين حاجة بعد أداء الزكاة فإنه يجب صرف المال إليها. قال مالك - رحمه الله -: يجب على الناس فداء أسراهم وإن استغرق ذلك أموالهم. وهذا إجماع» .

وقال «الشاطبي» (?) : «إذا خلا بيت المال وارتفعت حاجات الجُنْد وليس فيه ما يكفيهم، فللإمام إذا كان عدلاً أن يوظِّف على الأغنياء ما يراه كافياً لهم في الحال، إلى أن يظهر مالٌ في بيت المال.. ووجه المصلحة في هذا أن الإمام العدل لو لم يفعل ذلك لبطلتْ شوكتُه، وصارتِ الديار عرضةً لاستيلاء الكفار» .

الأساس الثامن: الشورى

القرآن الكريم أرسى مبدأ الشورى في آيتين كريمتين. الأولى: في حق وليِّ الأمر بالمشورة. قال تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} (آل عمران: 159) . قال «ابن كثير» (?) : «ولذلك كان رسولُ الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يشاورُ أصحابه في الأمر إذا حَدَثَ، تطييبًا لقلوبهم، ليكونوا فيما يفعلونه أنشطَ لهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015