وعن قتادة قال: عمد ناس من أهل الضلالة فجزأوا من حروثهم ومواشيهم جزءا للّه وجزءا لشركائهم وكانوا إذا خالط شيء مما جزأوا للّه فيما جزأوا لشركائهم خلوه. فإذا خالط شيء مما جزأوا لشركائهم فيما جزأوا للّه ردوه على شركائهم. وكانوا إذا أصابتهم السنة (يعني الجدب) استعانوا بما جزأوا للّه، وأقروا ما جزأوا لشركائهم. قال اللّه، «ساءَ ما يَحْكُمُونَ».
وعن السدي قال: كانوا يقسمون من أموالهم قسما فيجعلونه للّه، ويزرعون زرعا فيجعلونه للّه. ويجعلون لآلهتهم مثل ذلك .. فما خرج للآلهة أنفقوه عليها، وما خرج للّه تصدقوا به. فإذا هلك الذي يصنعون لشركائهم، وكثر الذي للّه، قالوا: «ليس بد لآلهتنا من نفقة»! وأخذوا الذي للّه فأنفقوه على آلهتهم. وإذا أجدب الذي للّه، وكثر الذي لآلهتهم، قالوا: «لو شاء أزكى الذي له»! فلا يردون عليه شيئا مما للآلهة. قال اللّه .. لو كانوا صادقين فيما قسموا لبئس إذن ما حكموا: أن يأخذوا مني ولا يعطوني! فذلك حين يقول: «ساءَ ما يَحْكُمُونَ».
وعن ابن جرير: وأما قوله: «ساءَ ما يَحْكُمُونَ» فإنه خبر من اللّه جل ثناؤه عن فعل هؤلاء المشركين الذين وصف صفتهم. يقول جل ثناؤه: وقد أساءوا في حكمهم، إذ أخذوا من نصيبي لشركائهم، ولم يعطوني من نصيب شركائهم. وإنما عنى بذلك - تعالى ذكره - الخبر عن جهلهم وضلالتهم، وذهابهم عن سبيل الحق، بأنهم لم يرضوا أن عدلوا بمن خلقهم وغذاهم، وأنعم عليهم بالنعم التي لا تحصى، ما لا يضرهم ولا ينفعهم، حتى فضلوه في أقسامهم عن أنفسهم بالقسم عليه! هذا هو ما كان شياطين الإنس والجن يوحون به إلى أوليائهم ليجادلوا به المؤمنين في الأنعام والزروع. وظاهر في هذه التصورات والتصرفات أثر المصلحة للشياطين في هذا الذي يزينونه لأوليائهم. فأما مصلحة شياطين الإنس - من الكهنة والسدنة والرؤساء - فهي متمثلة أولا في الاستيلاء على قلوب الأتباع والأولياء، وتحريكهم على هواهم وفق ما يزينونه لهم من تصورات باطلة وعقائد فاسدة! ومتمثلة ثانيا في المصالح المادية التي تتحقق لهم من وراء هذا التزيين والاستهواء لجماهير الناس وهو ما يعود عليهم مما يقسمه هؤلاء الأغرار المغفلون للآلهة! .. وأما مصلحة