هذه الحقيقة ينبغي أن تكون من القوة والوضوح في نفوسنا ونحن نقدم الإسلام للناس بحيث لا نتلجلج في الإدلاء بها ولا نتلعثم، ولا ندع الناس في شك منها، ولا نتركهم حتى يستيقنوا أن الإسلام حين يفيئون إليه سيبدِّل حياتهم تبديلاً .. سيبدل تصوراتهم عن الحياة كلها.كما سيبدل أوضاعهم كذلك.سيبدلها ليعطيهم خيراً منها بما لا يقاس.سيبدلها ليرفع تصوراتهم ويرفع أوضاعهم، ويجعلهم أقرب إلى المستوى الكريم اللائق بحياة الإنسان.ولن يبقى لهم شيئاً من أوضاع الجاهلية الهابطة التي هم فيها، اللهم إلا الجزيئات التي يتصادف أن يكون لها من جزئيات النظام الإسلامي شبيه.وحتى هذه لن تكون هي بعينها، لأنها ستكون مشدودة إلى أصل كبير يختلف اختلافاً بيِّناً عن الأصل الذي هم مشدودون إليه الآن: أصل الجاهلية النكد الخبيث! وهو في الوقت ذاته لن يسلبهم شيئاً من المعرفة " العلمية البحتة " بل سيدفعها قوية إلى الأمام ..
يجب ألاَّ ندع الناس حتى يدركوا أن الإسلام ليس هو أي مذهب من المذاهب الاجتماعية الوضعية، كما أنه ليس أي نظام من أنظمة الحكم الوضعية .. بشتى أسمائها وشياتها وراياتها جميعاً .. وإنما هو الإسلام فقط!
الإسلام بشخصيته المستقلة وتصوره المستقل، وأوضاعه المستقلة.الإسلام الذي يحقق للبشرية خيراً مما تحلم به كله من وراء هذه الأوضاع.الإٍسلام الرفيع النظيف المتناسق الجميل الصادر مباشرة من الله العلي الكبير.
وحين ندرك حقيقة الإسلام على هذا النحو، فإن هذا الإدراك بطبيعته سيجعلنا نخاطب الناس ونحن نقدم لهم الإسلام، في ثقة وقوة، وفي عطف كذلك ورحمة .. ثقة الذي يستيقن أن ما معه هو الحق وأن ما عليه الناس هو الباطل.وعطف الذي يرى شقوة البشر، وهو يعرف كيف يسعدهم.ورحمة الذي يرى ضلال الناس وهو يعرف أين الهدى الذي ليس بعده هدى!