طغيانا وكفرا فهم يستحقون هذا المصير البائس لأن قلوبهم لا تطيق كلمة الحق ولا خير في أعماقها ولا صدق. فمن حكمة اللّه أن تواجه بكلمة الحق ليظهر ما كمن فيها وما بطن ولتجهر بالطغيان والكفر ولتستحق جزاء الطغاة والكافرين!
ونعود إلى قضية الولاء والتناصر والتعاون بين المسلمين وأهل الكتاب - على ضوء هذا التبليغ الذي كلفه رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - وعلى ضوء نتائجه التي قدر اللّه أن تكون في زيادة الكثيرين منهم طغيانا وكفرا .. فماذا نجد .. ؟
نجد أن اللّه - سبحانه - يقرر أن أهل الكتاب ليسوا على شيء حتى يقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم .. وحتى يدخلوا في الدين الأخير تبعا لهذه الإقامة كما هو بديهي من دعوتهم إلى الإيمان باللّه والنبي. في المواضع الأخرى المتعددة .. فهم إذن لم يعودوا على «دين اللّه» ولم يعودوا أهل «دين» يقبله اللّه.
ونجد أن مواجهتهم بهذه الحقيقة قد علم اللّه أنها ستزيد الكثيرين منهم طغيانا وكفرا .. ومع هذا فقد أمر رسوله أن يواجههم بها دون مواربة. ودون أسى على ما سيصيب الكثيرين منها! فإذا نحن اعتبرنا كلمة اللّه في هذه القضية هي كلمة الفصل - كما هو الحق والواقع - لم يبق هنالك موضع لاعتبار أهل الكتاب .. أهل دين .. يستطيع «المسلم» أن يتناصر معهم فيه للوقوف في وجه الإلحاد والملحدين كما ينادي بعض المخدوعين وبعض الخادعين! فأهل الكتاب لم يقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم حتى يعتبرهم المسلم «على شي ء» وليس للمسلم أن يقرر غير ما قرره اللّه: «وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ» .. وكلمة اللّه باقية لا تغيرها الملابسات والظروف!
وإذا نحن اعتبرنا كلمة اللّه هي كلمة الفصل - كما هو الحق والواقع - لم يكن لنا أن نحسب حسابا لأثر المواجهة لأهل الكتاب بهذه الحقيقة، في هياجهم علينا، وفي اشتداد حربهم لنا، ولم يكن لنا أن نحاول كسب مودتهم بالاعتراف لهم بأنهم على دين نرضاه منهم ونقرهم عليه، ونتناصر نحن وإياهم لدفع الإلحاد عنه - كما ندفع الإلحاد عن ديننا الذي هو الدين الوحيد الذي يقبله اللّه من الناس ..