والى هذه المواضع التي يجوز فيها كسر همزة «ان» وفتحها أشار ابن مالك بقوله:
بعد اذا فجاءة أو قسم ... لا لام بعده بوجهين نمى
مع تلو فا الجزا وذا يطرد ... في نحو خير القول اني أحمد
قال «ابن هشام»: «ان» المكسورة، المشددة على وجهين:
أحدهما: أن تكون حرف توكيد تنصب الاسم، وترفع الخبر.
الثاني: أن تكون حرف جواب بمعنى نعم، والدليل على ذلك قول «عبد الله بن الزبير» ت 73 هـ. رضي الله عنه.
لمن قال له «لعن الله ناقة حملتني اليك»: «ان وراكبها» أي نعم ولعن الله راكبها، اذ لا يجوز حذف الاسم والخبر جميعا (?).
وقال: «ان» المفتوحة المشددة النون على وجهين:
أحدهما: أن تكون حرف توكيد تنصب الاسم وترفع الخبر. والأصح أنها فرع عن «ان» المكسورة، ومن هنا صح للزمخشري أن يدعي
أن «انما» بالفتح تفيد الحصر كأنما بالكسر، وقد اجتمعا في قوله تعالى: قُلْ إِنَّما يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ (?) فالأولى لقصر الصفة على الموصوف والثانية بالعكس.
وقول «أبي حيان»: هذا شيء انفرد به، ولا يعرف القول بذلك الا في انما بالكسر مردود بما ذكرت، وقوله: «ان دعوى الحصر هنا باطلة لاقتضائها أنه لم يوح اليه غير التوحيد مردود أيضا بأنه حصر مفيد، اذ الخطاب مع المشركين، فالمعنى.
«ما أوحي الي في أمر الربوبية الا التوحيد، لا الاشراك» ويسمى ذلك قصر قلب، لقلب اعتقاد المخاطب، والا ما الذي يقوله هو في نحو وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ [آل عمران- 144] قال «ما» للنفي و «الا» الحصر قطعا، وليست صفته عليه الصلاة والسلام منحصرة في الرسالة ولكن لما استعظموا موته حملوا