وقال عبد الله: حدثني أبي قال: سمعت يحيى بن سعيد يقول: عطاء بن أبي ميمونة مات بعد الطاعون وكان يرى القدر وحفص بن سليمان قبل الطاعون بقليل فأخبرني شعبة قال: أخذ مني حفص بن سليمان كتاباً فلم يرده وكان يأخذ كتب الناس فينسخها (?).
واستندوا أيضاً إلى قول أيوب: أبو بكر أوثق من أبي عمر"، وهذا أيضاً لا يكفي دليلاً لتضعيف الراوي، إنما المراد منه: أن حفصاً ثقة لكن شعبة أوثق منه، وهذا يرد كثيراً على ألسنة علماء الجرح والتعديل، ولم أقف على أي كتاب من كتب علوم القرآن أو علوم الحديث يتهم حفص بن سليمان في قراءته، وصحتها وجودتها، ومما يدل على هذا أنهم تعرضوا له في أمر الحديث النبوي فقط ولم يتعرضوا له في القرآن، فقد كان إماماً متقناً حافظاً، ولا يستلزم كونه ثقة في علم القراءات أن يكون ثقة في علم الحديث، وهذا أمر معروف بداهة لأئمة الحديث والقراءات، كما قال الذهبي: في كل وقت يكون العالم إماماً في فنٍّ مقصرا في فنون" (?). من ناحية أخرى، فلو أن حفصاً خالف عاصماً في حرف واحد، لما غفل عنه علماء القراءات، ولا يعقل أن يكون الإنسان مؤتمناً على القرآن، متهما في الحديث، وأعظم كرامة لحفص أن قراءته أكثر القراءات انتشاراً في العالم الإسلامي.
وقد وقع خلط بين هؤلاء الرواة للحديث، لا سيما بين حفص المنقري البصري، وحفص الأسدي الكوفي بسبب قول شعبة في حفص البصري، وحمله على حفص الكوفي.
كما وقع مثل هذا الخلط بينهما في تاريخ وفاتهما، حيث ذكر ابن النديم أن حفص بن سليمان القارئ، مات قبل الطاعون، وكان الطاعون سنة إحدى وثلاثين ومائة بينما كانت وفاة حفص القارئ سنة ثمانين ومئة كما قال ابن الجزري (?)، وقيل: بين الثمانين والتسعين،