تبيّن مما سبق أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم توفي وعند المسلمين وثيقتان دقيقتان للقرآن الكريم.
وهي جماعة الحفّاظ الذين قرءوا القرآن على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهم لا يقلّ عددهم عن المائة على أقلّ تقدير، فقد قتل يوم اليمامة سبعون منهم، وقتل يوم بئر معونة (?) مثل ذلك، ومن هؤلاء الحفّاظ من عرضه مباشرة على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأقام مجالس الإقراء يقرئ الناس فيها، وقد اشتهر من هؤلاء: عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن مسعود، وأبو الدرداء، وأبو موسى الأشعري (?).
وكان هؤلاء بمثابة القرّاء الذين يقرءون على شيوخهم فيجيزونهم، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بمثابة شيخ لهؤلاء قرءوا عليه فأجازهم.
كذلك فإن من الصحابة من قرأ على حفّاظ الصحابة في حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ومنهم من أتمّ حفظه عقب وفاة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
أضف إلى ذلك أن هناك من لم يتيسر له حفظ كل القرآن الكريم فحفظ منه أجزاء وأرباعا وسورا متفرقة، وهؤلاء لا يتجاوز عددهم الألوف، فبذلك لم تكن في القرآن آية إلّا وقد حفظها المئات من الصحابة على أقلّ تقدير.
وهي الوثيقة المكتوبة، فمن المؤكد أن كتبة الوحي القرآني كتبوا كل آية في القرآن الكريم في صحفهم كما علمت.
فقد كان الكتبة يتلقفون الآيات عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فينسخونها في الصحف فور نزولها، وربما كتب الآية كاتب واحد أو اثنان أو ربما أكثر من ذلك، وعن هذه الصحف، كان كثير من