قوله تعالى: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج: 22/ 29].
قرأ ابن عامر، وأبو عمرو، والبصري، وورش: (ثمّ ليقضوا تفثهم). وروى ابن ذكوان عن ابن عامر الكسر أيضا في: (وليوفوا نذورهم وليطّوفوا).
وقرأ الباقون بإسكان اللام في ذلك جميعا (?): ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا.
فالذين كسروا اللام أتوا بها على الأصل؛ إذ هي مبتدأة في الكلام، والعرب لا تبدأ بساكن، وحقّ اللام الكسر. وهذا هو التوجيه اللغوي.
ولم أجد في شروح الشاطبية والطيبة التعرض للتوجيه المعنوي لقراءة الكسر، وظاهر بأن اللام المكسورة هنا تحمل معنى آخر غير الأمر الجلي في قراءة إسكان اللام، ويتجه معنى اللام المكسورة هنا إلى الغاية؛ أي أن من مقاصد حجتهم واعتمارهم، ومن غايات ذلك قضاء التّفث، ووفاء النّذور، والطّواف بالبيت، وإنما ذكر الله سبحانه هذه الغايات إلطافا بالمعتمرين، وإيناسا لهم، ودفعا لاستيحاشهم (?).
والذين قرءوا بإسكان اللام حملوا ذلك على الأمر، ويقوي مذهبهم إجماع الجميع على الإسكان في قوله تعالى: فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً [الكهف: 18/ 110]، وقوله سبحانه: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ [النّور: 24/ 31]، وقوله سبحانه: وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً [الكهف: 18/ 19].