فالقراءات التي في أيدي الناس اليوم كلها عنده حرف واحد من الأحرف السبعة التي نصّ عليها النّبي صلّى الله عليه وسلّم، وستة الأحرف الباقية قد سقطت، وبطل العمل بها بالإجماع على خط المصحف المكتوب على حرف واحد» (?).
وقد لخص الطبري مذهبه بقوله: «فلا قراءة اليوم للمسلمين إلا بالحرف الواحد الذي اختاره لهم إمامهم الشفيق الناصح دون ما عداه من الأحرف الستة الباقية» (?).
والخلاصة أن اختيار الطبري متجه إلى أن الأحرف السبعة رفعت من القرآن الكريم، وأنها كانت إذنا من الله عزّ وجلّ يتضمن التخفيف عن الأمة حتى إذا هدمت حواجز كثيرة كانت تحول بين قبائل العرب، ردّهم الله عزّ وجلّ إلى حرف واحد، ولكنه أذن أن يقرأ هذا الحرف بلهجات مختلفة هي القراءات التي ثبتت إلى المعصوم صلّى الله عليه وسلّم تواترا وأداء.
وقد نصّ الطّبري على هذا التّعليل بعينه حين قال: «فاستوسقت (?) له الأمة على ذلك بالطاعة، ورأت أن فيما فعل من ذلك الرشد والهداية، وتركت القراءة بالأحرف السّتة التي عزم عليها إمامها العادل في تركه، طاعة منها له، ونظرا منها لأنفسها ولمن بعدها من سائر أهل ملّتها، حتى درست من الأمة معرفتها وتعفت آثارها، فلا سبيل اليوم لأحد إلى القراءة بها لدثورها وعفو آثارها، وتتابع المسلمين إلى رفض القراءة بها من غير جحود منهم لصحتها وصحة شيء منها، ولكن نظرا منها لأنفسها ولسائر أهل دينها» (?).
وبعد تفصيل رأي الفراهيدي، واختيار الطبري أضع بين يديك اختيار الجمهور، فقد رأى جمهور المفسّرين أن الأحرف السبعة باقية في التنزيل، وقد استوعبتها المصاحف العثمانية، وما هي إلا تحديد لوجهة الاختلاف في أداء الكلمة القرآنية، وفق ما أذن به النّبي صلّى الله عليه وسلّم.
وقد اعتبر الإمام أبو الفضل الرازي (?) ممثلا لرأي الجمهور، وقد نهج من جاء بعده على منواله في اختياره، وننقل لك هنا اختياره كالتالي: الكلام لا يخرج عن سبعة
أحرف في الاختلاف: