وقد اختار الآلوسي أن القيام فرض على النّبي صلّى الله عليه وسلّم وعلى أمته، فنسخ ذلك في حقّ أمته صلّى الله عليه وسلّم، وبقي في حقّه صلّى الله عليه وسلّم بناء على ما أخرجه ابن أبي حاتم عن الضّحاك قال: نسخ قيام الليل إلا عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم (?).

وقد تأوّل القائلون بافتراضه عليه صلّى الله عليه وسلّم قوله تعالى: نافِلَةً لَكَ، أي: كرامة لك، وهو قول مقاتل (?).

لكن ردّ القرطبي على ذلك فقال: وفي هذا التأويل بعد لوجهين: أحدهما: تسمية الفرض بالنفل، وذلك مجاز لا حقيقة (?)، وليس ثمة مساغ يبرر العدول عن الحقيقة إلى المجاز.

ثم قال: الثاني: قوله صلّى الله عليه وسلّم: «خمس صلوات افترضهن الله على العباد» (?)، وقوله تعالى:

«وهي خمس وهنّ خمسون لا يبدّل القول لدي» (?)، وهذا نصّ، فكيف يقال: افترض عليه صلاة زائدة على الخمس؛ هذا ما لا يصح (?).

ثم جزم القرطبي في اختياره أن التّهجد نافلة في حق الرسول صلّى الله عليه وسلّم كما في حق أمته فقال:

وعلى هذا يكون الأمر بالتّنفّل على جهة النّدب، ويكون الخطاب للنّبي صلّى الله عليه وسلّم لأنه مغفور له، فهو إذا تطوع بما ليس بواجب عليه كان ذلك زيادة في الدرجات، وغيره من الأمة تطوعهم كفارات وتدارك لخلل يقع في الفرض (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015