إلى الثلث، أو زد على الثلث، ولم يأمرهم بأن ينقصوا من الثلث شيئا. وأما قوله:

عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ أي: لن تطيقوه كما قال صلّى الله عليه وسلّم: «استقيموا، ولن تحصوا» (?)، أي: ولن تطيقوا، والله أعلم (?).

وثمرة الخلاف:

أن منطوق الآية نصّ في أن النّبي صلّى الله عليه وسلّم والصحابة الكرام كانوا يقومون أجزاء مختلفة من الليل، فمرة يقوم أدنى من الثلثين، ومرة يقوم نصف الليل، ومرة ثلث الليل، ومرة أدنى من نصف الليل، ومرة أدنى من ثلثه، وهذا ما دلّت له القراءتان، فدلّت قراءة نافع، وابن عامر، وأبي عمرو على قيامه صلّى الله عليه وسلّم أقل من النصف وأقل من الثلث، فيما دلّت قراءة الباقين على قيامه النصف والثلث، وذلك بمجموعه تيسير الأمة، وتخفيف عليها، إذ النّبي صلّى الله عليه وسلّم في مقام الأسوة، وإذا صحّ عنه قيام ذلك من الليل كان ذلك إذنا لأمته، في تخيّر ما يقدر العبد عليه من أحوال القيام.

وهل القيام في حقّ النّبي صلّى الله عليه وسلّم فريضة كما اختاره الغزالي، أم هو وأمته سواء (?)؟ وهذا الذي اختاره الغزالي من أن القيام فريضة في حقّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم هو ما دلّ له حديث: «ثلاثة عليّ فريضة ولأمّتي تطوّع: قيام الليل، والوتر، والسواك» (?)، وهذا الحديث لو صحّ لقطع كل نزاع في أن القيام تعين فريضة في حقّ النّبي صلّى الله عليه وسلّم، ولكن معالجة إسناد الحديث- كما يظهر لك- تكشف أنه لا ينهض مستقلّا في إثبات ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015