و (الأحرف) - وهي جمع حرف- الوارد في الحديث تقع على معان مختلفة، فقد تكون بمعنى القراءة كقول ابن الجزري: «كانت الشام تقرأ بحرف ابن عامر» (?)، وقد تفيد المعنى والجهة (?) كما يقول أبو جعفر محمد بن سعدان النّحوي (?).
وحكي عن الخليل بن أحمد الفراهيدي (?) شيخ العربية أن القراءات هي الأحرف (?)، ولن تجد كتابا تعرض لهذه المسألة إلا أشار لهذا القول بالتوهين والتضعيف.
وأحب هنا أن أوضح رأي العلامة الجليل الخليل بن أحمد الفراهيدي، فهو بلا ريب إمام العربية وحجة النّحاة، ولا شك أن انفراده بالرأي هنا لم ينتج من قلة إحاطة أو تدبر، ومثله لا يقول الرأي بلا استبصار، وانفراد مثله برأي لا يلزم منه وصف الرأي بالشذوذ أو الوهن! وغير غائب عن البال أن الخليل بن أحمد الفراهيدي، الذي توفي عام (170 هـ)، لم يدرك عصر تسبيع القراءات، حيث لم تشتهر عبارة القراءات السبع إلا أيام ابن مجاهد (?)، وهو الذي توفي عام 324 هـ.
ولم يكن الخليل بن أحمد يعني بالطبع هذه القراءات السبع التي تظاهر العلماء على اعتمادها وإقرارها بدءا من القرن الرابع الهجري، ولكنه كان يريد أن ثمة سبع قراءات قرأ بها النّبي صلّى الله عليه وسلّم،