ويطول بنا البحث لو أردنا أن نسرد أشكال الانحرافات التي انتهت إليها لهجات القبائل المتوزعة في أطراف الجزيرة العربية، ولعل من أهمها ما كشفت عنه الحفريات في جنوب الجزيرة العربية، حيث ثبت أن بعض عرب اليمن كانوا ينطقون ويكتبون لغة عربية، ولكن من دون الحروف الصوتية الثلاث: الألف، والواو، والياء ... !!

ولقد نقل ابن عبد ربه وجوه هذه الانحرافات في موسوعته الكبيرة المسماة: العقد الفريد، وفيما يلي أنقل لك كلامه بنصه كما أورده في باب خاص، عقده تحت عنوان: آفات النّطق: «قال أبو العباس محمد بن يزيد النّحوي: التمتمة في المنطق: التّردد في التاء، والعقلة: التواء اللسان عند إرادة الكلام، والحبسة: تعذر الكلام عند إرادته، واللفف: إدخال حرف في حرف، والرّتة كالرّتج: تمنع أول الكلام، فإذا جاء منه شيء اتصل به، والغمغمة: أن تسمع الصوت ولا يبين لك تقطيع الحروف.

فأما الرّتّة: فإنها تكون غريزية. قال الراجز:

يا أيّها المخلّط الأرتّ

وأمة الغمغمة: فإنها قد تكون من الكلام وغيره، لأنها صوت من لا يفهم تقطيع حروفه.

واستأنف فقال: والطمطمة: أن يعدل بحرف إلى حرف، والغنّة: أن يشرب الحرف صوت الخيشوم، والخنّة: أشدّ منها، والتّرخيم: حذف الكلام، والفأفأة: التّردد في الفاء.

وأما كشكشة تميم: فإن بني عمرو بن تميم إذا ذكرت كاف المؤنث فوقفت عليها أبدلت منها شينا لقرب الشين من الكاف في المخرج.

وأما سكسكة بكر: فقوم منهم يبدلون من الكاف سينا كما فعل التميميّون في الشين.

وأما طمطمانية حمير ففيها يقول عنترة:

تأوي له قلص النعام كما أوت ... حزم يمانية لأعجم طمطم» (?)

بل أخذت الانحرافات اللغوية أشكالا أبعد من ذلك حتى شاع لديهم تسميتها باللغات: لغة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015