وثبت عند البخاري وغيره عن عائشة أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس – وكان قرشيّاً ممن شهد بدراً قد تبنى سالماً – ولمّا كبر سالم أنكحه أبو حذيفة ابنة أخيه الوليد بن عتبة، وسالم هذا إنما هو مولى لامرأة من الأنصار، ولهذا من المقرر في الشرع تكافؤ الناس وتساويهم في أنسابهم، ولهذا عمل الصدر الأول من هذه الأمة بقاعدة تكافؤ الناس في أنسابهم وإذا كان هذا حال الصحابة – رضي الله عنهم – الذين لم يعيروا للعرقيّة والقبليّة اهتماماً زائداً وخارجاً عن حدود الشرع فهل الذين يميّزون بين الناس على أساس العرق والنسب سبقوا الصحابة إلى خير؟!
وعموماً فإني قبل الشروع في حكاية مذاهب العلماء في مسألة تكافؤ النسب في الزواج يجب أن تعلم أن للزوجة أن ترد من شاءت ممن تقدم لطلب الزواج بها
ولا يجب عليها الموافقة على أحد بعينه ولو كان صالحاً وأنها لو ردت أحد من غير طبقتها لا تُلام على ذلك كأن تجد نُُفرة طبيعية منه بسبب اختلاف العرق أو العادات والتقاليد ونحو ذلك ولكن بلا تحقير ولا تعالي على من تقدم لها , وعلى هذا فالمقصود في حقيقة حكم اشتراط الكفاءة في النسب في الزواج فيما لو كانت المخطوبة والخاطب يريدون الزواج مع عدم تكافؤ النسب , ولتفصيل المسألة فإليك مايلي:
أولاً: تعريف الكفاءة عموماً:
أ-الكفاءة في اللغة: هي المساواة والمماثلة، من كافأه: إذا ساواه يقال: فلان كفء لفلان، أي مساو له. والكفء معناه: المثيل والنظير ومنه قوله تعالى (ولم يكن له كفواً أحد) (الإخلاص:4) أي: لا مثيل له سبحانه وتعالى ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم (المسلمون تتكافىء دمائهم، ويسعى بذمتهم أدناهم) أي تتساوى فيكون دم الوضيع كدم الرفيع.
وكفؤ الخاطب كفاءةً وكفاءً: صار كفيئاً لمن خطب إليه.
الكفاءة في النكاح، اصطلاحاً: هي كون الزوج نظيراً للزوجة أي: هي مساواة الرجل للمرأة في أمور مخصوصة، بحيث لا تُعيّر الزوجة ولا أولياؤها بزواجها منه، ومن الفقهاء من عرفها بأنها: أمر يوجب عدمه عاراً والعار هنا بمعنى حصول الانتقاد للمرأة أو أولياؤها لقبولهم بهذا الزواج مما يوقع ضرراً معنوياً بسمعتهم، لأنهم يتعيرون بأن ينسب إليهم بالمصاهرة من لا يكافئهم.