نكاح الموالي ويرون ذلك نقصاً وعاراً، ويؤيده الحديث في صحيح مسلم: "إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى من كنانة قريشاً، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم "، ولأن العرب فّضلوا على الأمم برسول الله صلى الله عليه وسلم.
القول الثالث: - وهو قول وسط بين القولين السابقين وهو الأقرب للصواب - أن الكفاءة حق للزوجة والأولياء، فإذا أسقطوه فلهم ذلك والنكاح صحيح، وهذا مذهب جمهور الفقهاء ومنهم الحنفية والشافعية وهو المعتمد عند الحنابلة.
ومع ترجيحي لقول الجمهور فإني لا أسفه الآراء الأخرى؛ بل أحترم قولهم، وأرى أن لها وجهاً قوياً من النظر.
ثم إنه ينبغي التنبيه إلى أن الكفاءة في النسب حق للمرأة وللولي الأقرب دون الأبعد، فلو زوجها الولي الأقرب بغير كفء وبرضاها، لم يكن للولي الأبعد الاعتراض على هذا الزواج وليس من حقه المطالبة بفسخ عقد النكاح، وإذا تساوى الأولياء في درجة القرابة، فزوجها أحدهم دون رضا الباقين لم يلزم النكاح، وكان لهم حق الاعتراض والفسخ وقد قيل حق الأولياء في الاعتراض والفسخ مقيد بعدم دخول الزوج بزوجته، أو بعدم ولادتها بولد منه على أقصى حد، وقد اختاره بعض العلماء أما لو غر الزوج أولياء المرأة بأن كذب عليهم بقصد أو بدون قصد وقت إنشاء العقد فإن الحكم في هذه الحالة أن يُنظر في الأمر فإذا كان نسبه الحقيقي مثل ما ادعاه لنفسه أو أعلى منه، فعقد النكاح لازم ولا خيار للمرأة ولا أوليائها في فسخ العقد، أما إذا كان نسبه الحقيقي دون ما ادعاه لنفسه فعقد النكاح غير لازم وخيار الفسخ ثابت للمرأة وأوليائها متى علموا بذلك، أما إذا كانت المرأة هي التي غرت الزوج وانتسبت إلى غير نسبها، فإنه لا خيار للزوج في فسخ النكاح، لأن الكفاءة في جانب النساء غير معتبرة. .
من أسباب ترجيحي للقول الثالث وهو قول الجمهور:
أن التكافؤ بشكل عام من العوامل الأساسية لإنجاح الحياة الزوجية بعد توفيق الله، وكل ما كان التقارب في المستوى الديني والمادي والاجتماعي والفكري والثقافي والعلمي والعمري وفي العادات والتقاليد, كان ذلك أدعى لنجاح العلاقة بين الزوجين , وهذا في الأعم الأغلب , وكما لا يخفى على القارىء الكريم أن الزواج ليس هو علاقة بين فردين: الزوج والزوجة، بل هو علاقة بين أسرتين، بل ربما أكبر من ذلك، والنظر لمستقبل الأيام وما قد يُحدثه هذا الزواج من مشكلات لاحقة بين ذلك الخاطب ووالدته، أو أسرته من مشكلات المسلم في غنى عنها.
وكذلك بالتكافؤ يكون الحصول على ثمرة الزواج المتمثلة بالسكن الوارد في قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً