وصف الخطأ في هذا الفعلِ لأنه لو أراد قتله لأضجعهُ وذبحهُ أو حاول ذلك على صفةٍ تنتفي معها الشبهة فأما رمي السلاح عليه في أثناء منازعتهِ له، فإن شبهة الأبوة وشبهة الشفقةِ مع جوازِ الأدب يوجبان شبهة في الفعلِ تسلبه وصف العمدية المحضة حتى يجعله منزلة بين المنزلتين، وقد اختلف قوله رحمه الله في شبهة العمدِ، والمشهور عنه إثباته ويتعضد ذلك بحديث عبد الله بن عمرو خرَّجهُ أبو داود والترمذي وغيرهما في خطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أن قال: (ألا إن في (?) قتل العمد الخطأ قتل السوط والعصا مائة من الإبل بينها أربعون خلفة في بطونها أولادها (?)) وهذا الحديث وإن لم يكن على الدرجة القصوى في الصحةِ فإنه صحيح المعنى لأنا وجدنا محض العمد وجَدنا محض الخطأ ووجدنا منزلة بين هاتين المنزلتين، فلم يمكن أن يلغى معنى وجدناه حقيقةً ووجدنا له أثرًا قوياً في الشريعة وقد تكلمنا على هذا الحديث في مسائل الخلاف وغيرها بما يجلو حقيقته فليطلب هنالك، وقد تعلق مالك في تحقيق المراد من هذه الآية بقوله تعالى: {وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين}. فأفادتنا مسألتين أصوليتين:
أما أحدهما: فإن شرع من قبلنا شرعٌ لنا (?).
وأما الثانية فإن العمومين إذا تعارضا وأمكن الجمع بينهما ولو في وجه فإنه لا يجوز أن يسقطا جميعًا ووجه ذلك ها هنا أن الله تعالى لما قال: {كتب عليكم القصاص في القتلى} ثم ذكر التفصيل المعلوم بعده أوهم ذلك أنه أعلم بما فصَّل حدَّه حتى بيَّينَ بقوله {وكتبنا