قيل إنما قال ذلك عرضًا لا حِكمًا. قلنا حاشَ لله أن يعرضَ قلبَ الشريعة أو يفعل ما لا يفعل في الدنيا فضلاً عن الدين، فكيف في الدماء، فإن قيل: فقد روي في هذا الحديث أنه بدأ باليهود فقال: أتحلفون؟ فلما أبَوْا، رجَع إلى المدعي فقال أتحلف؟. خرجه أبو داود وغيرها (?). قلنا: روى الحديث الجماعة الأثبات الثقات أميرهم مالك ومن تبعه وانتقاه الصحيحان (?). فلا يترك هذا كله لرواية شذت، فإن قيل: إن شذت في الرواية فقد استقرت في القاعدة، قلنا: إنما يؤسس القواعد قول صاحب الشريعةِ وليس يلزم أن ترد على الاختيار ولا يتحتم فيها على الاضطراد بل ترد بحكم الله تعالى متسقة ومتفرقة وأنت يا أبا حنيفة تنقض القواعد بالاستحسان في معظم مسائِل الشريعة فكيف تنكر أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - يؤسس في نازلةِ واحدة قاعدتين تجري الدعوى فيها، والإنكار على الحكمين، وقد بين مالك رضي الله عنه هذه المسألة في الموطّأ وأتقنها، فذكر الحديث أولاً في البداية بأيمان المدعي وهو العمدة في الحكم ثم عقبَ ذلك ببيان الحكمةِ والمعنى فقال: وإنما فرقٌ بينَ القسامة والدم، وسائر الأيمان في الحقرقِ إلى قوله يقول المقتول (?). على أنه قد ثبت من طريق الدارقطني وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (البينة على المُدعي واليمين على من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015