وتكونَ المكاتبة كالأجنبية في حقِّ السَّيد، وأول ما يفوته منها الوطء الذي هو مفتقر إلى خلوص الملك، بدليل أنه لا يجوز وطء الجارية المشتركة.
إذا عقد الكتابة لجماعة من عبيده في عقدٍ واحدٍ، فإن بعضهم حملا عن بعضٍ وقال الشافعي: لا يحمل أحدٌ عن أحدٍ منهم لصاحبهِ شيئاً لأنه ضمان كتابته، فلا يجوز كضمان الأجنبي، فنظر الشافعي إلى الأجنبي، ونظر علماؤنا إلى عقد الكتابة بين القرابة وخصوصاً الأبناء، يحملُ بعضهم عن بعضٍ ولم يكن ضمان بعضهم عن بعض في الكتابة لأجل القرابة فإنه لا تزر وازرةً وزرَ أخرى، ولا يلزم قريباً عن قريبه مال بغير رضاه في شيء من أحكام الشرع ما خلا العاقلة المستثناة بإجماعٍ فدل على أن ذلك إنما كانَ بعقدِ الكتابةِ وذلك يستوي فيه القريب والبعيد، وفروع هذا الباب كثيرة وهي مركبة عليهِ من غيره لما يدخلُ عليها من شَرطٍ أو ولاءٍ أو حمالةٍ أو وصيةٍ أو صفةٍ لمقاطعةٍ أو جراح تطرأ فيه منه أو عليه أو بيع في كتابة فما يجوز أو لا يجوز واختلاف السيدين بعد عقد الكتابةِ أو اتفاقهما، وهذا كله معلوم في أبوابهِ مضبوط بأصولهِ وهي من فن التركيب والتعليل الذي لم يتعرض له ها هنا، أما أنه عرضت في الكتابة مسألة معضلة وهي الكتابة الحالة وقد اختلفَ فيها العلماء (?) قديمًا وحديثًا وبيَانها في مسائل الخلاف على الاستيفاء ومن غريب اضطراب العلماء فيها أنَّ الشافعيَّ يقول إن السلم الحال جائِز والكتابَة الحالة لا تجوز واختلفَ فيها جواب علماء المالكية والذي عندي أن تصويرها يكشف حقيقتها. ولها ثلاث صور:
الصُورة الأولى: أن يقول لعبده: كاتبتك على تسعِ أواق في تسعة أعوام فهذا بيّن إن التزمه العبد.
الصورة الثانية: أن تقول له إن أعطيتني كذا ديناراً فأنتَ حر، والمال حاضر فيقتطعه السيد من يده، ويقضَى له بحريته لأن له انتزاع ماله وإبقاءه في الرق، فكيف غير ذلك من مما له فيه حظ.
الصورة الثالثة: أن يقول له ألزمتك مائة دينار تعطينيها وأنت حر، والعبد ليس عنده شيء. فقال الشافعي هذا الكلام لغو، وقال علماؤنا يرتفعان إلى الحاكم ينظر في ذلك فإن أراد العبد الالتزام ألزمه الحاكم ونجمَ المال عليه على قدر حال العبد وحال المال، ونظرنا