الحديث وكذلك أيضًا اختلفوا فقالوا إذا اختار الشريك العتقَ لم يكن له رجوع إلى التقويم، وإن اختار التقويم لم يكن له رجوع إلى العتق لأجلِ حقِّ الأول في الولاء، وقال الأكثر من علمائنا له الرجوع لأنه تصرف قبل الحكم، وكذلك اختلفوا فيما إذا كان العبد مسلماً والسادة كفارًا، هل يقضى بالتقويم أو لا والصحيح أنه يقضى به لأنه حكم بين كافر ومسلم، والحديث فيمن أعتق رقيقاً لا يملك مالاً غيرهم قد تقدم.
أما العتق المبتدأ فلا خلاف في أنه يجوز فيه عتق الكافر والمسلم حتى قال مالك إنَّ عتقَ الكافر ابتداءً أفضل من عتق المسلم إذا كان أكثر ثمناً، للحديث الصحيح أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ أي الرقاب أفضل؟ قال: (أغلاها ثمنًا وأنفسها عند أهلِها) (?) وخالفه أصبغ (?) وأصاب فليس النظر إلى تنقيص الملك على المعتق وإنما النظرُ إلى تخليص المملوك من الرق وتفريغه لعبادةِ الله تعالى وثواب المعتق بتخليص كل عضوٍ منه عضوًا من النَّار والكافر ليس أهلاً (?) للتخليص لأنه من أهل النار، وأما الواجب فالجمهور على أنَّ الكافرَ لا يُجزى فيهِ وقال أبو حنيفة يجزئ الكافر عن فرض العتق كما يجزئ المؤمن لانطلاق اسم الرقبة عليه إلا في القتل لأن الله تعالى نص على الإيمان فيه وهذا لا يصح لأن الكافر ليس بمحلٍ للقُرب الفرضية وكذلك لا يجوز أن يعطى من الزكاة الفرضية، وقد احتج مالك رضي الله عنه بحديث الجارية حين قال الأنصاري على عتق رقبةٍ، أفأعتق هذه الجارية فقال لها النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (أين الله؟ قالت: في السماء، قال لها: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله، قال: أعتقها) (?). فلم يأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بعتقها حتى اعتبر حالها بالإيمان،