لضعفه، وأما قول سعيد بن المسيب إنها باقية في الأقربين (?)، فيرده أن الصحابة من الخلفاء إلى أعيان الفقهاء قبل أن يتعد الحال إليه، لم يوصِ أحد منهم، وقد قال علماؤنا قوله تعالى: (كتب عليكم .. إن ترك خيراً) الآية محمول على الاستحباب (?) , لأنه علق بمجهولٍ، وهذا مقدار الخير، والواجب لا يتعلق بمجهول لأنه من شرطِ الوجوب إمكان الفعل، ولا إمكان مع الجهالة في الحكم.

الحكم الثاني: لما أوجب الله الوصية أو ندب إليها أسقطَ لزومها وأجاز في كل وقتٍ تغييرَها، فلو كانت لا تغير لما كانت لأحدٍ قدرة على أن يبادر إليها مخافة أن يبقى حياً، ويلزمه عقدها حتى إنه جوَّز فيها تبديل ما لا يبدل وهو العتق وكل شيء يفعل للمرء بعد موته فإنه يجوز له أن يرجع فيه، وكل شيء يفقدهُ في صحته يلزمة، وكل ما يفعله في مرضه له تغييره كما قلناه إلا العتق المبتل (?) والمدبر، وسيأتي بيان ذلك في كتاب العتق إن شاء الله.

الحكم الثالث: إن الله سبحانه وتعالى لمّا ملّك الأموال للخلقِ وعلِمَ أنهم على قسمين، منهم من يحفظ المال ومنهم من يهمله، شرع الحجر على من أهمله من صغيرٍ أو مصابٍ، أو ضعيفٍ أو سفيهٍ، فقبضَ أيديهم عن الأموالِ وألغى ما يصدُر عنهم فيها من الأقوال إبقاءً عليهم ورحمةً لهم إلا أن يوصُوا فمن أوصَى منهم نفذت وصيته, لأنها ظاهرة في وقتٍ لا يتوقع عليه فساد في مالِه ولها حاجة في حالهِ، وهذا إذا كانَ مميزاً يعقل ما يوصي ويتكلم به عن فهمٍ من غير أن يقوله، وعلى هذا جاء قضاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الغسّاني (?) وعليه يحمل المجنون حال الإفاقة.

الحكم الرابع: محل الوصيةِ الثلث للصحيح والمريض لحديث سعد بن أبي وقاص

الثلث والثلث كثير، وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال فيه: (إنَّ الله أعطاكم ثلْثَ أموالكم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015