القضاء في الضواري والحريسة

أما قوله الضواري فيريد المعتادة للإذاية وأما قوله الحريسة فيحتمل التي تحرس ويكون معها حافظها ويحتمل أن يكون حريسة أي يحترس منها فأما الضواري وهي التي اعتادت الفساد فاختلفت الرواية فيها عن علمائنا ما بين تغريب وييع وهذا الاختلاف إنما هو اختلاف حال "إن أمكن تغريبها فبها ونعمت وإلا قُضي على صاحبها ببيعها" (?) وجعل علماؤنا من الضواري نحل الجناح وحمام الأبراج إذا آذت ما عدا أصبغ وربما عضد قول أصبغ الحديث الصحيح (ما من مسلم يغرس غرساً أو يزرع زرعاً إلى أن قال فيه فيأكل منه طائر أو بهيمة) (?) الحديث. ولأنه حيوان لم يكن عليه يد وكان مسترسلًا مع نفسه فلا بد له من رزقه لكن تبقى ها هنا نكتة هي فائدة الحالة وهي أنها إذا كانت مسترسلة احترس صاحب الزرع منها أو صادها أو عقرها وفي المملوكة لا يتأتى ذلك فلا بد أن يقال له قصها واشبعها أو ذكها (?) وكلها. وأما الحريسة فإن كان منها ضارياً (?) وتقدم فيها إلى أهلها فتركوها باقية وأرسلوها فاشية فقد قال مالك وكثير من العلماء يضمن أربابها ما أفسدت ودليله ظاهر ومنها الفحل الصائل فإنه إذا صال على أحد ودفعه عن نفسه فقتله كان هدراً عندنا وبه قال الشافعي ولم يختلف فيه أحد من علمائنا وقال أبو حنيفة إذا دفعه عن نفسه فقتله ضمن قيمته لمالكه لأن العجماء لا يعتبر فعلها لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - (جرح العجماء (?) جبار) ولم تحترم البهيمة بحرمة نفسها حتى يقال إنها إذا صالت سقطت حرمتها وإنما احترمت بحرمة المالك فوجب أن يغرم قيمتها له لأنه لم يكن من جهته جناية. قلنا قد مهدنا هذه المسألة في كتاب التلخيص وبينا مقاطع القول فيها ومن عمدها أن المالك وإن لم تكن من قبله جناية فإنه لو كان حاضراً لوجب عليه قتل فحله لأن دفع الفحل فرض كفاية على جميع المسلمين من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015