لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ (?) وتردد قوله في بيع البئر فتارة منعه وقال لا يجوز وهو في المجموعة وبه قال أبو حنيفة وتارة كرهه وبه قال الشافعي واختار الكراهية ابن القاسم وهذا إنما يكون في بئر لا تحفر في ملك ومن كره بيعها حمله على أنه من المروءات والآداب والصحيح عندي من هذا الاختلاف كله أنه يجبُ عليه اعطاء الفضل وإذا ثبت هذا فلا يجوز حينئذٍ البيع لأن المبيع يكون حينئذ مجهولاً فإن قيل فلم منعت هاجر قلنا لأن الله ملكها الماء والموضع واختطه لها جبريل وجعلها أرضاً متملكة موروثة مقدمة لخير البرية ومنشئاً له.
قال النبى - صلى الله عليه وسلم -: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) (?) وهذا ليس من شروط الإيمان الأصلية وإنما هو من الكمال والتمام ومن الأفعال التي شرعت لتقوية العقيدة فإذا عرض أمر فيه مرفق لجارك ومنفعة أو لرفيقك في السفر أو لمسلم يرد عليك ويعير (?) وليس عليك من ذلك ضرر فاختلف قول مالك هل يلزمه أن يفعل معه ذلك أم لا واختلف العلماء كاختلافه والذي أراه وجوب ذلك لأن منعه إياه مما ينتفع به اضرار به والنبى - صلى الله عليه وسلم - قد قال: (لا ضرر ولا ضرار) (?) وأجمعت الأمة على معنى الحديث وإن كانوا قد اختلفوا في تأويله فمنهم من قال إنهما بمعنى واحد وفاعل قد يكون بمعنى فعل ومنهم من غاير بينهما وصور المغايرة صوراً ما لها أن تضر صاحبك بما ينفعك أو لا تمنعه ما لا يضرك وينفعه فإن قيل فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: (لا يمنع أحدكم جاره أن يغرز