مع أن اللعان زور وكذب واللعان أصل مستوفى وحجة ضرورة كما بينا وقد أجبنا عن هذا الحديث في التلخيص وغيره وأقوى ما فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما من تائب) فبين النبي - صلى الله عليه وسلم - أن قضاءه انبنى على كذب أحدهما للضرورة وقد اتفقنا على أن القاضي لو علم الكذب في هذه المسألة لما جاز له أن يقضي فإن أخطأ القاضي وهي مسألة عظيمة فإن ذلك لا يلزمه ضماناً ولا يوجب عليه ملاماً والأصل في ذلك أن خالد بن الوليد لما أخطأ في بني جذيمة (?) لم يعلق به النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئاً اللهم إلا أنه قال: (اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد) (?) ووداهم وأموالهم والمعنى يعضده فإن القاضي لو نظر بشرط سلامة العاقبة وهو ألا يعول على النص إنما بني حكمه على الاجتهاد لكان ذلك باطلاً من وجهين أحدهما إنه كان يكون تكليف ما لا يطلق الثاني إنه كان يكون تنفيراً للخلق عن الولاة فتتعطل الأحكام.
قد اندرج في أثناء الكلام أن العامي لا يكون حاكماً ومن شرطه كما قال عمر بن عبد العزيز وغيره أن يكون ذكراً مسلماً عالماً ذا مروءةٍ (?) عاقلاً وقد قال أبو حنيفة إن المرأة تقضي فيما تشهد فيه لأنه من جاز أن يكون شاهداً في شيء جاز أن يكون قاضياً فيه (?)