وأما حديث العرايا: فإن صدمته قاعدة الربا عضدته قاعدة المعروف.
فهي مسألة انفرد بها مالك دون سائر فقهاء الأمصار وهي مسألة تنبني عليها القاعدة الخامسة في العرف وعلى القاعدة العاشرة في المقاصد والمصالح ونحن ننبهكم عليها بعد أن نذكر حكم (?) الثانى المعظم فيها. روى مسلم في الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بوضع الجوائح (?) فإذا ثبت هذا الأصل فالذي ينفي عنه اعتراضات المخالفين وتأويلاتهم مرده إلى قاعدة المقاصد والمصالح والعرف الجارية عليه الأحكام الشرعية فنقول من حكم عقد البيع أن يتنزل المشترى منزلة البائع في المبيع ملكًا بملك وحالًا بحال ومنفعةً بمنفعةٍ. وإذا اشترى الثمرة بعد بدو صلاحها من صاحبها فذلك محمول على حال البائع فيها وعلى عرف الناس في العمل بها وهو أن يقبضها ملكًا بملك وحالًا بحال ولا يجوز أن يقال إن عليه أن يجدها جملة لأن البائع لها لما لم يكن حاله كذلك فيها ولأن المقصود والمعتاد والمصلحة لا تقتضي ذلك فيها فإذا نزلت الجائحة عليها من غير تفريط من المشتري في اقتضائها مصيبة نزلت قبل القبض فلا كلام لأحدٍ من المخالفين عليها بيد أن المتقدمين من علمائنا اختلفوا في نكتة وهي أن الجائحة المكتسبة هل تساوي الجائحة الواقعة بالقدرة الإلهية أم لا، وصورتها أن نزول الجيش على البلد وإفساده للثمار هل يساوي هبوب الضرر ووقوع البرد أم لا وهي مسألة نظرية وقد حققناها في مسائل الفروع (?).