الصبرة بعلم البائع بكيلها ولا يعلمه المشتري فلا يجوز حتى يعلماها جميعًا أو يجهلاها جميعًا، وهي مسألة يحاجى بها على الطلبة فيقال لهم هل يجوز بيع المجازفة فيقولون لا وذلك جائز فإنهما إذا جهلاها جميعًا أو علماها جميعًا جاز كما قدمنا، وإنما يمتنع ذلك من الجهة الواحدة. ومن ذلك أن يدخل الرجل السوق بفص يظنه زجاجًا فإذا رآه المشتري تحقق أنه فص ياقوت فهذا غش إن انعقد البيع عليه لم يجز وكان البائع بالخيار، ونظائره كثيرة.

القاعدة السابعة: اعتبار الحاجة في تجويز الممنوع كاعتبار الضرصرة في تحليل المحرم، ومن ذلك استثناء القرض من تحريم بيع الذهب بالذهب إلى أجلٍ وهو شيء انفرد به مالك لم يجوزه أحد من العلماء سواه، لكن الناس كلهم اتفقوا على جواز التأخير فيه من غير شرط بأجل، وإذا جاز التفرق قبل التقابض بإجماعٍ فضرب الأجل أتم للمعروف وأبقى للمودة.

وعول في ذلك علماؤنا على قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إن رجلًا كان فيمن كان قبلكم استسلف من رجل ألف دينار إلى أجل فلما حل الأجل طلب مركبًا يخرج فيه إليه فلم يجده فأخذ قرطاسًا وكتب فيه إليه ونقر خشبًة فجعل فيها القرطاس والألف دينار ورما بها في البحر وقال اللهم إنه قد قال لي حين دفعها إلى أشهد لي قلت كفى بالله شهيدًا أو قال أيتني بكفيل قلت كفى بالله كفيلًا اللهم أنت الكفيل بإبلاغها. فخرج صاحب الألف إلى ساحل البحر يحتطب فدفع البحر له العود فأخذه فلما فلقه وجد المال والقرطاس ثم إن ذلك الرجل وجد مركبًا فأخذ المال وركب فيه وحمل إليه المال فلما عرضه عليه قال له قد أدى الله أمانتك) (?). فإن قيل هذا شرع (?) من قبلنا. قلنا: كلما ذكر النبي لنا مما كان عملًا لمن قبلنا في معرض المدح فإنه شرع لنا (?) وقد مهدنا ذلك في كتب الأصول ومن ذلك حديث العرايا وبيع التمر فيها على رؤوس النخيل بالتمر الموضوع على الأرض (?) وفيه من الربا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015