الظهار أصلاً للكفارة في كل معصية، وإنما أراد أن يمهِّد في نفس السائل الفتوى بما ورد من الأثر في ذبح الولد على ما ورد أيضاً في الظهار، والظهار رخصة في الشريعة، على ما يأتي في بابه (?)، إن شاء الله تعالى، والأصل عند علمائنا في نحر الولد ما ورد في قصة إبراهيم عليه السلام، وقد وهم فيه العلماء وهماً قبيحاً فظنُّوا أن هذه الآية فيها نسخ الأمر قبل الفعل (?)، كما جرى في فرض الصلاة، وليس كذلك وقد بيَّناه في أصول الفقه (?) ومسائل الخلاف، وحيث ورد من كلامنا بما لبابه أنّ إبراهيم، - صلى الله عليه وسلم -، رأى في المنام أنه يضجع ولده ويذبحه لا أنه قيل له اذبحْ ولدَك، ورؤيا الأنبياء وحي؛ فإنّ الرؤيا على ثلاثة أقسام: إما حديث نفس ولم يتحدث قط إبراهيم عليه السلام بذبح ولده، وإما تحذير من الشيطان وليس له على الخليل سلطان فلم يبق إلا أنها من الله سبحانه على طريق البرهان فعرضها حينئذ على إسماعيل، عليه السلام، فقال له: {يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ} (?) وجعل الصورة أمراً لأنها تستدعي الامتثال لتحقيق المنام، فيكون المجاز في قوله: {تُؤْمَرُ} خاصة، وعلى القول بالنسخ يكون دعوى، ويكون في قوله: {إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} مجاز كثير بعيد، فأضجعه ليتمثل ما رأى فيه فنودي {يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا} ومعناه بتعاطيك الامتثال وتماديك إلى الظاهر والاسم، ولكن خذ التأويل والكنية وأعطِ الفدية وكمِّل التصديق والابتلاء وصارت إلى يوم القيامة سنة في الاقتداء، والرؤيا على قسمين؛ اسم وكنية. فالاسم أن تخرج بصورتها، والكنية أن تخرج بتأويلها، ولذلك قال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، لعائشة حين بني بها: "أُرِيتُكِ فِي سرَفَةٍ (?) مِنْ حَرِيرٍ فَقَالَ لِيَ الْمَلَكُ هَذِهِ زَوْجُكَ فَأَكْشِفُ عَنْك فَإذَا هِيَ أَنْت فَقُلْتُ إنْ يَكُنْ هذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ يُمْضِه" (?).