أن التحريم منسوخ بما نزل بعده بقوله تعالى {قُلْ لَا أَجِدُ في مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ} (?) إلا أن مالكاً، رضي الله عنه، لسعة علمه وذكاء فهمه، استنبط الكراهية من أن الله تعالى لما ذكر الأنعام، وما امتن به منها، ذكر في وجه الامتنان الركوب خاصة وكراهية أكل الخيل والبغال والحمير لأجل أنها كراع في سبيل الله تعالى وهو أحد الأقوال في تحريم الحمر يوم خيبر لأنه روي في الصحيح (أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، في ذلِكَ الْيَوْمِ فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ الله أكَلْتُ الْحُمُرَ أفْنَيْت الْحُمُرَ فَأَمَرَ الْمُنَادِيَ فَنَادَى أَلَا إنَّ لُحُومَ الْحُمُرِ قَد حُرَّمَتْ) (?).
حرَّم الله تعالى الميتة ثم استثنى حال الضرورة فقال {إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} (?) ثم استثنى من المستثنى فقال {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ} (?). سمعت الفهري (?) يقول بالمسجد الأقصى وقد قيل له أو قلت له: إذا خرج باغياً أو متعدياً فوجد الميتة أيأكل أم يموت؟ قال: يموت ولا يأكل، وقد قال القاضي عبد الوهاب (?): إذا أراد أن يأكل فليتب فإذا تاب ارتفعت عنه سمة البغي والعدوان (?)، ودخل تحت قوله تعالى {إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} ثم اختلف العلماء بعد ذلك في مسألتين:
أحدهما: هل يأكل من الميتة حتى يشبع أم يأخذ بقدر سد الرمق؟؟ وعن مالك، رضي الله عنه، في ذلك روايتان؛ فالذي في الموطّأ فالأكل والشبع والزاد، وهو كتابه