طعامهم وذبيحتهم رخصة منه لشبهة الكتاب الذي معهم، وأما اشتراطنا العرفان في الذبائح فلأنه إن لم يعرف الذابح الم البهيمة وحرم الأكل بإفساد الذبح، وإنما جاز إيلامها لفائدة الانتفاع بها. وأما المذبوح فأن يكون مأذوناً في أكله حلالاً في نفسه حياً، ومعنى قولنا حياً احترازاً من المنخنقة (?) والموقوذة (?) والمتردية (?) والنطيحة (?) وما أكل السبع (?) حسب ما ورد في القرآن والخليسة (?) وهي التي تنتزع من يد الذئب حسب ما ورد في السنة .. وقد اختلف العلماء والراوية عن مالك، رضي الله عنه، في هذه الأعيان الخمسة بالأحوال الخمسة هل تُذكَّى فتُؤكل أم قد فسدت بناء على أن قوله تعالى: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} (?)، هل هو استثناء متصل أو هو مقطوع عن الأول مبينا لحكم مبتدأ. والصحيح عندي أنه راجع إلى الأول متصل به ولا يجوز فصله عنه إلا بدليل، وقد بيَّنا ذلك في كتاب الأحكام (?). وأما الذبح فقال علماؤنا: لا بدّ فيه من النية وإنهار الدم بقطع الأوداج والحلقوم والمريء من جهة الحلق دون القفا وهو على ثلاثة أقسام: ذبح ونحر وعقر. فالذبح للغنم وما شاكلها، والنحر للإبل وما أشبهها، والعقر في كل محل عند عدم القدرة. وعلى هذا حمل علماؤنا الحديث حين قيل للنبي، - صلى الله عليه وسلم -: (الذَّكَاةُ إنَّمَا تَكُونُ في الْحَلْقِ وَالْلبَّةِ؟ فَقَالَ: لَوْ طَعَنْتَ في خَاصِرَتِهَا (?) فَخُذْهَا أَجْزَأَك) (?)، والبقر مذبوحة لقول الله تعالى في القرآن: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا