عمل الخلفاء فقوي بذلك مكانه؛ وقد بينا في مسائل الخلاف أن لو ثبت نكاح النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو محرم اختصاصه بما لا يشاركه غيره فيه من الأحكام وخصوصاً في النكاح.
هذه مسألة عظيمة اختلف فيها العلماء واضطربت فيها المذاهب (?) اضطراباً كثيراً على أقوال أصولها ثلاثة:
الأول: يؤكل كل صيد إذا لم يكن تناول صيده من المحرم.
الثاني: يؤكل ما لم يقصد به المحرم معيناً.
الثالث: إنه لا يؤكل كل صيد يلتقي به المحرمون مخافة أن يكون قصد به، وفي ذلك نكتة بديعة وهي أن الله تعالى قال: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} (?)، والمراد به لا تصيدوه فحرَّم سبب الأكل ونبَّه فيه على تحريم الأكل، فاقتضى ظاهر الآية الامتناع من أكله واقتضى نصها تحريم صيده (?). وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -، للصعب بن جثامة: "وَقَدْ أهْدَى لَهُ حِمَاراً وَحْشِيّاً إنا لَمْ نرُدّهُ عَلَيْكَ إلَّا انا حُرُمٌ" (?) فاقتضى ذلك تحريم ما صيد من أجل المحرم. ويحتمل أن يكون الحمار حيّاً فامتنع النبي - صلى الله عليه وسلم -، من قبوله لأنه لو قبله كان يلزمه إرساله فرأى إبقاءه على مُلْك صاحبه أولى، والأول أظهر في التأويلين. وحديث أبي قتادة نصّ في أن يأكل المحرم ما لم يصد من أجله (?).