في اليائسة والصغيرة حتى تبرى الرحم منها، ولكن لما تعذَّر ضبط سن الصغر من الكبر وضبط حال اليائس من الحائض أوجب الله تعالى العدة على الكل صيانة للفراش وحفظاً للأنساب (?) أما المرض فهو أمر منضبط؛ كل أحد أعلم بنفسه، فإن أمن زيادة وهي العلة التي لأجلها أبيح له الفطر صام، وإن خاف الزيادة أفطر (?).
قلنا: هذا الذي ذكرتموه صحيح وليس بمعترض على كلامنا ولا على نكتة مالك، رضي الله عنه، فإنه الله تعالى علَّق الفطر بنفس المرض وصوم المريض مشقة وإن لم يخف الزياده والله قد رفع المشقة بقوله تعالى: {يُرِيدُ الله بِكمُ اليسْرَ}.
نكتة أصولية: فإن قيل قد قال الله تعالى: {يُرِيدُ الله بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} ومن أصول القواعد، باتفاق من أهل السنة، أنه لا يكون ما لا يريد تعالى، ونحن نرى مريضاً يصوم ومسافراً يصوم، فيكف وقع هذا وهو أخبر أنه لا يريده؟
قال القاضي أبو بكر: قول الله تعالى {يُرِيدُ الله بِكُمُ الْيُسْرَ} يأمركم، وعبَّر بالإراده عن الأمر مجازاً، وهذا الطريق في الاستعارة (?)، وإن كانت مهيعاً، لكن مرتبته أجلّ من هذا الجواب؛ لأن التأويل إنما يصار إليه عند الضرورة ولا ضرورة ها هنا لأن معنى قوله تعالى: {يُرِيدُ الله بِكُمُ اليسْرَ} يريد أن يكلَّفكم اليسر ولا يريد أن يكلَّفكم العسر، وكذلك فعل تعالى كما أخبر في وجهي النفي والإثبات (?).