لأنه لو فعل ذلك مع واحد ما جاء غيره بعده ولانْسَدَّ باب الاستفتاء ويقي الخلق في ظلمة الجهالة والمعصية (?). وأما احتجاجه بكفارة القتل فهي وهلة عظيمة؛ لأن كفارة القتل وردت في الخطأ فقلنا العمد أولى (?)، وخالفنا في ذلك جماعة من العلماء (?). فأما ها هنا فوردت الكفارة في العمد فكيف يجوز أن يقلب القوس ركوة (?) فيحمل عليها الخطأ، هذا من أفسد وجوه النظر فتفطنوا له. واختلف الناس في هذه الكفارة هل هي مرتبة كسائر الكفارات، أم هي على التخيير؟ فقال علماؤنا: هي على التخيير لقوله في حديث أبي هريرة: أو. وهو نصّ. فإن قيل: قد قال في الحديث الثاني (هَلْ تَسْتَطِيعُ) وناقله بالعجز من خصلة إلى أخرى؟ قلنا: يحتمل أن يكون ناقله قصد الترتيب، ويحتمل أن يكون ناقله ليعلم ما عنده من هذه الخصال فيأخذه بالأولى منها؛ والأولى منها عند مالك الإطعام، ليس لعينه، ولكنه لأنه أنفع بالحجاز لجوعهم وأكثر ثمناً لقلة القوت عندهم (?). وقال ابن حبيب (?) من علمائنا: بل هي على الترتيب (?) وهو الحق لأن أوفى (?) حديث أبي هُرَيْرَة تحتمل التخيير وتحتمل التفصيل فلا يرد الظاهر بمحتمل.