أُجزِي بِهِ، وَلَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ الله مِنْ ريحِ الْمِسْكِ يَذَرُ (?) طَعَامَهُ وَشَرَابهُ مِنْ أجْلِي" فَنَبَّه تبارك وتعالى على فضل الصيام بقوله (الصَّوْمُ لي) (?)، وقد قال علماؤنا في ذلك سبعة أوجه:
الأول: إضافته إليه تشريفا وتخصيصاً كإضافة المساجد والكعبة تنبيهاً على شرف الكل ..
الثاني: أنه أراد بقول (الصَّوْمُ لي)، الصوم لا يعلمه غيري لأن كل طاعة لا يقدر المرء أن يخفيها أو إن اخفاها عن الناس لم يخفِها عن الملائكة .. والصوم يمكنه أن ينويه ولا يعلم به ملك ولا بشر ..
الثالث: أن المعنى: الصوم صفتي؛ لأن الباري تعالى لا يطعم فمن فضل الصيام على سائر الأعمال أن العبد يكون فيه (?) علي صفة من صفات الرب عز وجل، وليس ذلك في أعمال الجوارح إلا في الصوم، فأما في أعمال القلوب فيكون ذلك كثيراً كالعلم والكلام والإرادة ..
الرابع: أن المعنى (الصَّوْمُ لي)، أي من صفة ملائكتي؛ فإن العبد في حالة الصوم ملك لأنه يذكر ولا يأكل، ويمتثل العبادة ولا يقضي شهوة ..
والخامس: (الصَّوْمُ لي) أن المعنى فيه أن كل عمل أعلمكم مقداره إلا الصوم فإني انفردت بعلمه لا يطلع عليه أحد ..
السادس: أن معنى (الصَّوْمُ لي) أي يُقمع عدوي، وهو الشيطان, لأن سبيل الشيطان إلى العبد اقتضاء الشهوات فإذا تركها العبد بقي الشيطان لقاً لا حراك به ولا حيلة له ..
السابع: أنه روي في الأثر (أن الْعَبْدَ يَأتي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتِهِ، وَيَأتي قَدْ ضَرَبَ هذَا وَشَتَمَ هذَا وَأخَذَ مَالَ هذَا فَتُدْفَعُ حَسَنَاتُهُ لِغُرَمَائِهِ إلَّا الصِّيَام .. يَقُولُ الله تَعَالَى هُوَ لي لَيْسَ لَكُمْ إلَيْهِ سَبِيلٌ) (?).