أحد هذين. ورفعت المسألة إلى أبي إسحاق الشيرازي (?) بالمدرسة فقال: لا حنث عليه لأنه قد أفطر بدخولها على غير هذين وهو دخول الليل، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -، وساق الحديث إلى قوله (فَقَدْ أفْطَرَ الصَّائِمُ) وفتوى ابن الصباغ أشبه بمذهب مالك، رضي الله عنه، في تعليق الإيمان بالمقاصد، وفتوى أبي إسحاق الشيرازي صريح مذهب الشافعي، رضي الله عنه، فإنه يعلّقها بالألفاظ ولا يلتفت إلى المقاصد، وكما حرّم الطعَام والجماع على الصائم لعلّه يتَّقي بصيامه فمَه وفرجَه عن الشهوات فكذلك يلزمه أن يصون جوارحه عن السيئات.

قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ لَمْ يَدَع قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لله حَاجَةٌ في أنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ" (?). وكما يقول الفقيه للصائم، إذا أكل أو جامع: افسدتَ صومَك ولن يجزئك في الامتثال في الأمر ولا الاجتناب في النهي، فكذلك يقول له الزاهد: إذا كذبت أو اغتبتَ أو فعلتَ معصية لم يتقبل منك صيامك. فأحد (الحكمين) (?) تأثيره في الدنيا والحكم الآخر لا يظهر إلا في الآخرة ..

" تنبيه"

قوله: فليس لله حاجة إذا عصى في ترك الطعام والجماع، وليس لله حاجة في شيء فإنه يتقدس عن الحاجات (?)، وإنما ضربه مثلًا في أن أحدهما إذا ترك فليترك الآخر، أو فعل فليفعل الآخر، إشعاراً بارتباطهما, لأن قول الزور والعمل به أقوى في التحريم من الطعام والجماع, لأن الطعام والجماع (كانا محلّلين) قبل الصيام، وكان قول الزور وأخواته حراماً ثم تأكَّد تحريم ذلك كله بالصيام فكان بأن تؤثر في الإبطال أولى وأحرى ..

تكملة

تكملة: من تمام الحديث المتقدم قول النبي - صلى الله عليه وسلم -، (كُل عَمْلِ ابنِ آدم لَهَ إلَّا الصيَامُ فَإنَهُ لي وَأنَا أُجزِي بِهِ، الحَسَنَةُ بِعَشْرِ أمْثَالِهَا إلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إلا الصَيامَ فَإنَهُ لِي وَأنَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015