الكفار أداءها عن أنفسهم بما يصلح لهم، فلما استوثق الأمر لعمر، رضي الله عنه، ووقع بين الكفار التظالم فيها وخيف من بعضهم التحامل على بعض، ولم يكن من النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فيها تقدير على الأعيان مفصلاً ولا على الكل مجملاً، تولَّى عُمر، رضي الله عنه، فرضها مع الصحابة على الاجتهاد: على الموسع قدره وعلى المقتر قدره، وجعل أعلاها أربعة دنانير، ولو كان معه بيت مال. وفرض عليهم مع ذلك ضيافة المسلمين ومؤنة لمن يحرس أهل الذمة ويمنع من يطرق إليهم الأداية (?) على ما تقرر في عهد عمر، رضي الله عنه، على ما أوردناه في الكتاب الكبير، والذي يدل على أن الجزية بدل عن القتل لا عن الدار أخذ عمر، رضي الله عنه، العشور من أهل الذمة إذا تصرفوا بالتجارة عوضاً عن تصرفهم بيننا وانتفاعهم بأموالنا، وإنما قصد عمر، رضي الله عنه، إلى العشر لأنه رأى الله تعالى قد جعله غاية الزكاة فقال النبي، - صلى الله عليه وسلم -: "فِيمَا سَقَتِ السمَاءُ الْعُشْرُ" (?) فجعله غاية الكراء في الاقتداء.
زكاة الفطر: اختلف العلماء، إسلاماً ومذهباً، هل هي واجبة أم لا؟ وهل يُعتبر في أدائها النصاب أم لا؟ وفي قدرها ووقت وجوبها؟. فأما فرضها فلا إِشكال فيه لتوارد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، بها وحضّه على أدائها (?)؛ وذلك يبين أن معنى قوله في هذا الحديث (فَرَضَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -) (?) أوجبَ ................................