وهذا لا خلاف فيه، وأما غسله فاختلف الناس فيه. فأكثر الخلق على أنه واجب وليس فيه أثر (?) وإنما فيه أفعال غسل النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وغُسِّل هو أيضاً مع طهارته، وهذا يدل على فرضيته (?)، ولم يرد بلفظ الأمر إلا في حديث واحد هو قول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، للنسوة اللاتي غسَّلنَ ابنته (إِغْسِلْنَهَا ثَلاثاً أوْ (?) خَمْساً) الحديث.
قال علماؤنا: غسل الميت عبادة ليس لنجاسته، والدليل عليه قول النبي، - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ" (?) فذَكر الصفة في الحكم، وذِكر الصفة في الحكم تعليل كأنه قال لا ينجس لِإيمانه (?).
قال القاضي (?): الشديد (?) لو لم ينجس بالموت لما كان ما يبين عنه من أعضائه في حال الحياة نجساً، قلنا: ليس للأبعاض حكم الجملة في حقيقة ولا شريعة فهذا اعتبار فاسد.
واختلف علماؤنا هل غسله للنظافة أو للعبادة- (?)، والذي عندي أنه تعبُّد ونظافة، كالعدة عبادة وبراءة للرحم، وإزالة النجس (?) عبادة ونظافة، ولذلك يسرَّح رأسه تسريحاً خفيفاً، خِلافاً لأبى حنيفة (?) , لأن في تسريحه وصبِّ الماء عليه زيادة في النظافة، وكلما حقّق المقصود فهو مشروع، ويمضمض خلافاً لأبي حنيفة حين قال لا فائدة في مضمضته