الأمر بالوضوء لمن مسَّ القرآن (?)
قال علماؤنا: لا يجوز للمحْدِث أن يمس المصحف لقول الله تعالى {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79)} (?)، فإن قيل هذا خبر والخبر من الله لا يجوز أن يقع بخلاف مخبره لأنه يكون كذباً وذلك مستحيل في وصفه، فدل على أن المراد به خبر الله تعالى عن الملائكة المقربين (?) في الصحف التي عندهم. هذا منتهى كلامهم وهو ساقط جداً لأن الخبر لا يجوز أن يكون بمعنى الأمر، كما لا يجوز أن يكون الأمر بمعنى الخبر، كما لا يجوز أن يكون كل واحد منهما بمعنى النهي، ولا يجوز أن يكون النهي بمعناهما لأن الكلام له حقيقة ينفرد بها عن العلم والإرادة، وكذلك أيضاً أقسامه من الأمر والنهي والخبر والاستخبار لها حقائق ينفرد كل واحد منها حقيقة عن صاحبه، ولهذا المعنى الذي فهمه مالك، رضي الله عنه، من أن الخبر لا يجوز أن يقع من الله تعالى كذباً، ومن أن الخبر لا يجوز أن يكون بمعنى الأمر، أو بمعنى النهي، قال، رضي الله عنه: إن هذه الآية، والتي في {عَبَسَ وَتَوَلَّى (1)} (?) سواء يريد أنهما راجعتان إلى الملائكة وصحفها (?)، وهذا بالغ في البيان لمن كان له قلب، بيْد أني أقول في ذلك قولاً حسناً وهو أن المصحف لا يمسه إلا